أربعون عاماً مضت بالتمام والكمال كانت تحمل في طياتها اللحظة التي قدَّر لي فيها الله (سبحانه وتعالى) أن أسعى بحمده وشكره على وجه هذه البسيطة، هناك في مسقط رأسي بمدينة أبوظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة التي تُطل بسواحلها على الخليج العربي شمال خط الاستواء، وتشتهر بمعدلات درجات حرارتها الشديدة صيفاً –الذي يمتد من شهر إبريل حتى شهر سبتمبر- حيث تتراوح فيه درجات الحرارة خصوصاً في النهار بين 35 درجة إلى 45 درجة نهاراً ويصحبها ارتفاع نسبة الرطوبة، التي كُنَّا نعاني منها بشكل كبير سواء في النهار أو المساء فكان الملاذ إلى أجهزة التبريد المختلفة حتى تُخفف عنا حدتها، وقطاع غزة اليوم ليس ببعيد عن وطأة الرطوبة كونه يُطِل على ساحل البحر المتوسط، حيث يتراوح معدل الرطوبة في فَصْلَي الصيف والشتاء ما بين (60%-85%)، فيا تُرى هل يُمكن أن تكون للرطوبة فوائد؟!
للرطوبة فوائد عدة منها تقليل درجات الحرارة العليا في جو المحيطات، كذلك تساعد على تكاثف البخار وذراته فوق الأسطح الباردة بسهولة، وقد استغل الباحثون تلك العملية في توليد الطاقة من رطوبة الجو داخل الغرف المغلقة، حيث طَوَّر فريق من الباحثين في سنغافورة جهازاً جديداً يُعد بديلاً صديقاً للبيئة عن أجهزة التكييف التقليدية التي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة، ويعمل الجهاز الجديد بتقنية تشبه عملية التمثيل الضوئي التي تعتمد عليها النباتات في استخلاص احتياجاتها من الغذاء، باستخدام الضوء، مع توليد الماء والأكسجين خلال هذه العملية.
قام فريق الدراسة بقسم علوم المواد والهندسة بالجامعة الوطنية في سنغافورة بدمج مواد خفيفة ذات القدرة على الاستجابة للضوء مع مواد كيميائية مصنوعة من الهيدروجيل -مادة تتميز بالقدرة على امتصاص كمية كبيرة من الرطوبة-، من أجل امتصاص كميات تزيد عن أربعة أضعاف وزنها من الماء أو الرطوبة من الهواء ثم توليد قدرٍ من الطاقة الكهربائية خلال هذه العملية، وأكد فريق الدراسة أن الجهاز الجديد يمكنه خفض درجة الرطوبة في الغرفة بنسبة 12% مع توليد تيار كهربائي ضعيف يصلح لتشغيل مصباح كهربائي صغير.
يتكون جهاز امتصاص الرطوبة من مادة هيدروجيل وقطب كهربائي ضوئي وخلية شمسية، وهو يقوم بتوليد الطاقة من رطوبة الجو بدلاً من المحاليل الكهربائية التقليدية، وتقوم الأقطاب الضوئية بتأيين المياه التي يتم امتصاصها في وجود الضوء من أجل فصل جزيئات الماء وتوليد الكهرباء خلال هذه العملية ليُستفادَ منها لاحقاً، فسبحان الله (تعالى) الذي علَّم الإنسان ما لم يعلم.