أجمع محللون سياسيون على أن لا حل للتصدي للمشروع الأمريكي والإسرائيلي الهادف لتصفية القضية الفلسطينية بالكامل، إلا من خلال المقاومة بكل أشكالها، وعلى وجه الخصوص تفعيلها بالضفة الغربية المحتلة، لكونها ساحة المواجهة الأشد إيلامًا للاحتلال الإسرائيلي.
وأكد المحللون خلال الندوة الشهرية التي تنظمها صحيفة فلسطين في مقرها بمدينة غزة، أن الإعلان الأمريكي باعتبار المستوطنات قانونية، جاء بعد جملة من المفاوضات التي عقدتها السلطة الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي، والتي كان أبرزها اتفاقية أوسلو التي تم توقيعها برعاية أمريكية عام 1993.
وأوضح هؤلاء أن الولايات المتحدة لا تلتزم بالقوانين الدولية، وتضرب بها عرض الحائط، وتعمل على تقديم هدايا متتالية لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
الكاتب والمحلل السياسي، مصطفى الصواف، قال: إن العالم مُتواطئ مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على كل فلسطين، إذ لم يبقَ من مساحتها التاريخية سوى من 10% إلى 11%.
وأضاف الصواف: "الإدارة الأمريكية تتبنى كليًّا المشروع الصهيوني وتعمل على تنفيذه دون أي اعتراض، ولا تضع أي اعتبار للقانون الدولي، حيث من يحمي القانون هي القوة فقط".
وأبدى الصواف استغرابه من مواصلة السلطة الفلسطينية التمسك باتفاق أوسلو الذي هو جزء من الاستيطان، إضافة إلى أن لا أحد يحترمها، حيث إن كل المجتمع الإسرائيلي ضد قيام الدولة الفلسطينية، ويرفض التنازل عن القدس المحتلة.
وأضاف: "الإدارة الأمريكية فوق كل القوانين الدولية، وتتجاوزها، وتفرض ما تريده دون احترام للقانون".
وشدد على أن المقاومة هي الحل لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، والقرارات الأمريكية، لذا يجب أن تعمل الفصائل بشكل موحد لتحرير فلسطين، منبهًا في الوقت ذاته إلى أنه في ظل استمرار الانقسام "ستبقى المشاريع الفلسطينية تتضرر".
وتابع: "في غزة يوجد مقاومة حقيقية للمحتل، من خلال الإعداد والدفاع، لكن الضفة الغربية تعاني الاحتلال الإسرائيلي وإجراءات السلطة وهي مكبلة، ولو كانت غير ذلك لما كان الاستيطان بهذا الحال".
المحلل السياسي هاني حبيب، أكد أن الإدارات الأمريكية السابقة كانت تعارض بناء وتوسيع المستوطنات، وتعتبرها عقبة في طريق التسوية، وكانت هذه الإدارات تصوت ضد الاستيطان في الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى فترات قريبة.
وقال حبيب: "القرار الأمريكي (الصادرة عن الإدارة الأمريكية الحالية) حول اعتبار المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة شرعية من ناحية القانون الدولي، جاء بعد وقت قصير من إعادة تفويض الأمم المتحدة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، وتصويت غالبية الدول لها باستثناء الولايات المتحدة ودولة الاحتلال".
وأضاف حبيب: "الولايات المتحدة قبل اتخاذها قرارها الأخير بشأن المستوطنات تدرك تمامًا وقرأت جيدًا ردود الفعل العربية غير الموجودة، وكانت تعلم أنها ستكون كأي شيء آخر، وهو ما شجع الرئيس دونالد ترامب على المضي قدمًا لتقديم هدايا لنتنياهو بشكل متلاحق ومتسارع.
وتابع: "نشهد في الآونة الأخيرة ومنذ سنوات تراجع القضية الفلسطينية لدى المنظومة العربية، بل بدأنا نشهد أنظمة عربية متعاونة مع الاحتلال، والأكثر إيلامًا، أن الشعوب العربية أصبحت غير حية ومتواطئة مع تداعيات الوضع الراهن، ولم نشهد لهم أي مظاهرة قوية ضد العدوان على غزة"، كما قال.
أما المحلل السياسي والدبلوماسي السابق، محمود العجرمي، فرأى أن الاستيطان يعد الوجه العملي الأيديولوجي للصهيونية عمومًا.
ووصف العجرمي اتفاق أوسلو بـأنه "صك إذعان"، إضافة إلى أنه اتفاق لحكم إداري ذاتي للسكان الفلسطينيين في الأراض المحتلة، وقع عليه من لا يمثل الشعب الفلسطيني، ويقصد هنا السلطة الفلسطينية.
وقال العجرمي: "الاعتراف بدولة الاحتلال هو اعتراف بسيادتها على الإقليم والموارد الطبيعية، وفق اتفاق أوسلو، مع الموافقة على إعادة انتشار قوات الاحتلال وفق المقتضيات الأمنية على الأرض التي هي سيدة عليها".
وأوضح أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أعطى اليهود غربي القدس التي تمثل 86% من المساحة الإجمالية للمدينة المقدسة، في حين أراد التفاوض على شرقي القدس التي تبلغ مساحتها 14% من المدينة.
وأضاف: "خلال ربع قرن من المفاوضات أخذت المنطقة الشرقية من القدس منا وتبقى لنا 9%، من مساحتها، ومن المواطنين أقل من 32% ، في حين عدد المستوطنين كان قرابة الـ50 ألف، عند توقيع أوسلو، والآن يقترب من المليون مستوطن".
ويوصي العجرمي بضرورة الاعتماد على المقاومة الفلسطينية لوقف الاستيطان، واستخدامها في تحقيق الردع.
ووصف الضفة الغربية بأنها "بارود يغلي"، ولكن التنسيق الأمني واعتقالات الاحتلال الإسرائيلي اليومية التي تتم بالتعاون مع أجهزة أمن السلطة تمنع المقاومة من القيام بدورها بشكل مؤثر.