امرأة جاوزت في عمرها عمرًا عتيًا، لكنها تذهب تسأل شيخًا مفتيًا عن أكثر أمور حياتها خصوصية، كأن تسأله مثلاً هل تقضي ما لم تصمه طوال سنوات شبابها من أيام شهر رمضان الكريم بسبب العادة الشهرية؟
هل يمكن لسيدة كبيرة في مثل سنها تسأل سؤالاً مثل هذا؟، ببساطة هذا يعني أنها لم تكن عُلمت في صغرها أي تكاليف شرعية، وهنا يظهر تقصير في دور الأب والأم كذلك في توعيتها.
"فلسطين" تحدثت مع أستاذ الفقه المقارن في كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية د. ماهر السوسي؛ تسأله كيف يكون الأب صالحًا، والتفاصيل في السياق:
يقول د. السوسي: "إن أول صفة للأب الصالح هي أن يكون هو قدوة لأبنائه، يعني أن يكون ملتزمًا بأوامر الله ونواهيه، قولًا وعملًا".
وينبه إلى أن الأمر الثاني أن يكون هذا الأب عالمًا بحقوقه على أبنائه وحقوق أبنائه عليه، موضحًا أنه لا يكلف أبناءه أكثر مما يطيقون، ولا يسألهم حقوقهم أكثر من الحقوق التي أعطاها الله سبحانه وتعالى إياه، وذلك حتى لا يشق عليه، ولا يدفعهم إلى العصيان ومخالفة أمره.
ويشير أستاذ الفقه المقارن إلى أن الأمر الثالث أن يقوم هذا الأب بإحسان تربية أبنائه، فيربيهم حسبما أمر الله سبحانه وتعالى، وحسبما تقرر في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويبين أن الأمر الرابع أن يكون الأب صاحبًا لأبنائه، فلا يكون مجافيًا لهم، ولا يكون بعيدًا عنهم، وتكون العلاقة بينه وبينهم علاقة دفء وحنان، ولا تشوبها شوائب ولا فوارق السن.
وفيما يتعلق بالأمر الخامس فيقول السوسي: يكون الأب قد منح أبناءه ما قرره لهم الله من الحقوق، وأن لا يمنع عنهم أي حق إن كان ذلك باستطاعته، ويكون قد أحسن أسماءهم، وقد اختار لهم الأم المناسبة، وقد علمهم دينهم، وقد علمهم ما يفيدهم من العلم أو الصنعة التي تعينهم في حياتهم الدنيا، بحيث إنهم لا يحتاجون إلى غيره.
وبسؤال أستاذ الفقه المقارن: "هل هناك أمور تختلف في تربية الأبناء وتربية البنات؟"، يجيب: "هناك أمور مشتركة بين تربية الأولاد والبنات مثل التربية على تقوى الله سبحانه وتعالى، وأن يكون قدوة حسنة لهم، وإعطاء كل ذي حقٍ حقه، وغير ذلك".
ويستدرك بقوله: "لكن لا ننسى أن هناك اختلافًا في التكوين النفسي والبدني، وهناك فارق في الوظائف الحيوية لكلٍ من البنت والابن"، متابعًا: "وبالتالي هناك بعض الأمور يخص بها الأب الذكور، وأمور يخص بها الأب الإناث".
فمثلًا هناك –وفق قوله- آباء وأمهات يتحاشون الحديث مع الابن أو البنت في الخصوصيات، لكنها تبنى عليها المستقبل، ذلك أن الذكر والأنثى سيصبحان أصحاب أسر، ولكل منهما دور في الحياة مختلف، ويجب على الأب الصالح أن يميز هذه الفروقات ويتعامل معها مع كل جنس على حدة، ويوجه توجيهًا سديدًا.
