مع إطلاق أي صاروخ من قطاع غزة تجاه العدو الإسرائيلي، سواء أكان بأهداف ونوايا سيئة من أشخاص بعينهم، أم كان نتيجة رد محسوب ومعلن من جانب المقاومة الفلسطينية على اعتداء إسرائيلي سابق؛ يدخل سكان القطاع في حالة من التوتر والترقب، وهنا لابد من مراعاة الإعلاميين _وخاصة الكتاب والمحللين السياسيين_ هذا الظرف، وأنا أرى أن أي منشور لكاتب أو محلل سياسي على مواقع التواصل الاجتماعي يحذر من اندلاع حرب قريبة "إنما يزيد من حالة التوتر وتخويف الناس دون أي مبرر".
علينا أن نفرق بين مقال عن الحرب في صحيفة موثوقة، ومنشور على مواقع التواصل الاجتماعي، ففي الحالة الأولى يراعي الكاتب الموضوعية، وفي المقال يضع الكاتب كل ما في جعبته من أدلة استند فيها إلى النتيجة التي يتوقع حدوثها، حتى لو كانت "اندلاع حرب"، وإن كانت أدلته ضعيفة ومقاله يجانب الواقع بوضوح فقد يمنع من النشر، وتكون أضراره محدودة، أما المنشور فقد يكتفي صاحبه بجملة صاعقة مثل "حرب متوقعة خلال 48 ساعة"، وقد يكون الباعث على كتابة منشور كهذا هو محاولة الكاتب لفت الأنظار، أو أنه لم يجد ما يقوله سوى تلك الكلمات دون أي مراعاة لمشاعر المواطنين، وهنا إنني أهيب بالإخوة الكتاب والمحللين تجنب الخوض في مواضيع غير مدروسة، قد تجلب الخوف، وتزيد حالة التوتر لدى سكان غزة.
بعضٌ يبرر بالقول: إن تلك المنشورات "العاجلة" ضرورية وفيها تحذير للمقاومة في غزة، هذه النوايا مقدرة ويحترم صاحبها، ولكن بالمقابل علينا ألا نظن أن المقاومة في غزة لديها أوقات راحة واسترخاء لتكون بحاجة إلى من يوقظها، وهناك أمر آخر لابد من تذكير المحللين به، وهو أنه من الصعب كشف نوايا العدو الإسرائيلي، ليس لذكائه وفطنته، بل على العكس تمامًا، هو لا يعمل حسب منطق الأشياء ولا حسب مصالح اليهود أو قدراتهم، لتكون التحليلات المنطقية صائبة، والحرب الأخيرة على قطاع غزة دليل على أن قادة العدو الإسرائيلي قد يلجؤون إلى مغامرات غير محسوبة ويورطون أنفسهم، ثم يكتشفون متأخرًا أنهم كانوا حمقى.