غزة جزء أصيل وعزيز من الوطن فلسطين، وشكلت ولا تزال صداعًا مزمنًا للاحتلال الإسرائيلي بل حققت معه توازن الردع، وتحملت تاريخيًّا العبء الأكبر في الثورة الفلسطينية، وفي كل جولة خاضتها غزة ومقاومتها مع الاحتلال كانت تدرك أن شعبنا في كل مكان يساندها ويقف إلى جانبها.
أصيبت غزة بصدمة مؤلمة يوم أن وقع عدوان (2008-2009) عليها دون حراك داعم لها في الضفة الفلسطينية على وجه الخصوص، لم تتحدث غزة وكتمت آلامها وأخفت دموعها، فانتبهت الضفة في مواطن أخرى لا سيما في عدوان 2014، وانتفضت وتضامنت بصورة مشرفة.
في الجولة الأخيرة مع الإرهاب الإسرائيلي خيم على الضفة صمت مطبق، صواريخ الاحتلال تمزق أشلاء الفلسطينيين وشوارع الضفة فارغة، قذائف الاحتلال تدك المنازل وتدمر المزارع والمنشآت والهدوء الغريب في الضفة سيد الموقف!!
أكتب هذه الكلمات وفي القلب غصة ومرارة شديدة، وبالكاد أستطيع كتابتها لكنها الحقيقة القاسية، لم يخرج سوى بضع عشرات في الضفة متضامنين مع غزة وهي التي تدفع ضريبة العزة والكرامة بدماء أبنائها لأجل حريتنا جميعًا أرضًا وشعبًا.
كنت أتوقع بعد تجارب سابقة أن تكون الضفة التي تقيم فيها قيادة السلطة ومنظمة التحرير وقادة فصائل وزعماء المجتمع المدني أن تكون قد وضعت خطة واضحة المعالم بالأهداف والوسائل والبرامج والأنشطة حول آليات العمل في حال وقوع عدوان إسرائيلي جديد على غزة.
يا أهلنا وأحبابنا...، ارتقاء 34 شهيدًا وإصابة 111 بجراح لم يحدث في المريخ وإنما لإخوانكم على بعد بضعة كيلو مرات منكم، توقعت مع أول هجوم على غزة أن تشتعل كل ميادين الانتفاضة ونقاط التماس مع جنود الاحتلال في الضفة، وتتعاظم المسيرات الشعبية، وتتصاعد المقاومة السلمية -على الأقل-، وتنطلق حملات التضامن والدعم الإعلامي والإنساني والصحي والاجتماعي، وقبله التحرك السياسي المنظم لوقف العدوان!!
وفي نفس الوقت العتب على أهلنا وشعبنا في مخيمات اللجوء والشتات وخاصة في أوروبا والجاليات الفلسطينية في دول العالم، أين أنتم وماذا فعلتم وقدمتم لشعبكم في غزة وهو يقاوم وصواريخ الاحتلال تضربه؟ ثم للشعوب العربية والإسلامية أين تحركاتكم لنصرة المظلوم ووقوفكم إلى جانب إخوانكم في اللغة والدين؟ ولأحرار العالم أين تضامنكم مع الضحايا وانتصاركم لحقوق الإنسان وقيم العدل والحرية؟؟!!
إخواني الأحبة في الضفة وغيرها، نحن ندرك عظم الحب والتعاطف والتقدير في قلوبكم للأهل غزة، لكن المظلوم يحب أن يرى تعاطف قلوبكم حراكًا على الأرض، فصوتكم يمدنا بالإرادة والأمل ويشحذ هممنا بالتضحية والعطاء.
آمل من الجميع أن يعيد تقييم تجربته وأدائه ووقوفه إلى جانب أبناء شعبه، فوقت المعركة والشدائد يجب أن نتناسى الخلافات ونكون جسدًا واحدًا أمام عدو لا يرحم، ولا يرى الفلسطيني الجيد إلا ميتًا.
أخيرًا أقول حتى تتضامن مع غزة ليس بالضرورة أن تكون مسلمًا أو عربيًّا أو فلسطينيًّا بل يكفي أن تكون إنسانًا.