التنظيمات الفلسطينية تطالب بعقد لقاء بين الفصائل يسبق المرسوم الرئاسي لإجراء الانتخابات، وحركة فتح تدعو إلى اللقاء الفصائلي بعد صدور المرسوم الرئاسي، والذريعة في ذلك مرجعها الاحتكام إلى صندوق الانتخابات كمدخل لحل الخلافات، في حين ترى الفصائل أن حل الإشكالات وتجاوز الخلافات أسبق من المرسوم الرئاسي، وهذه نقطة خلاف جوهرية قد تعيق إجراء الانتخابات، إضافة إلى النقاط الثلاث الآتية:
أولاً: القدس، فلا (إسرائيل) ستسمح بأن تجرى الانتخابات في القدس، ولا فصيل فلسطيني له كرامة وطنية يقبل بأن تجرى الانتخابات دون القدس، فالانتخابات بلا قدس بيع رخيص للمقدسات مقابل موافقة (إسرائيل) على إجراء انتخابات هزيلة وهزلية.
ثانياً: الزمن، فالمرسوم الرئاسي الذي سيصدر يتحدث عن انتخابات رئاسية وتشريعية، ولكنه لا يحدد زمن ثلاثة أشهر كحد أقصى وفق مطالبة الفصائل، وعدم تحديد الزمن كما جاء في رسالة السيد عباس إلى السيد حنا ناصر يؤشر على عدم احترام الحد الأقصى، ويفتح الباب على كل احتمال، بما في ذلك تأجيل انتخابات الرئاسة حتى عام وأكثر.
ثالثاً: البرامج السياسية، فوفق ما ورد على لسان القيادي الفتحاوي صبري صيدم، والقيادي عزام الأحمد، فإن المشاركة في الانتخابات مشروطة بموافقة الحكومة القادمة على برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، وعدها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهذا هو مربط فرس الانقسام في الساحة الفلسطينية، وهنا مربط الدعوة لعقد لقاء فصائلي أسبق من المرسوم الرئاسي، فالتوافق على برنامج سياسي، والمصالحة على برنامج الشراكة دون إملاءات.
أما فيما يتعلق بالقوائم والدوائر وقانون الانتخابات المعدل لسنة 2007 وغير ذلك من قوانين انتخابية، فإنها وفق تقديري أصغر شأناً من الاختلاف على الجوهر، رغم أهميتها، لأن أصل الانتخابات هو تعديل البرامج السياسية، ومغايرة النهج السائد، وإلا فما قيمة الانتخابات إذا كانت نتائجها مضمونة ببقاء الخط السياسي الراهن، وبقاء منظمة التحرير ممثلاً شرعياً ووحيداً دون إصلاح، وبقاء ما وقعت عليه من اتفاقيات هو الأساس؟ إن مجرد اعتراف الفصائل بما اعترفت به منظمة التحرير يعني أن هذه الفصائل قد مسحت هويتها، وصارت صورة باهتة عن منظمة التحرير، ولا برامج سياسية لها خارج إطار برنامج المنظمة، وعلى هذا فلا داعي للانتخابات، ولا مبرر للمنافسة إلا المكاسب الشخصية والتنظيمية.
قد يقول قائل: ما دامت الانتخابات التشريعية والرئاسية تُجرى تحت مظلة أوسلو، فالواجب السياسي يقضي بالالتزام باتفاقية أوسلو، والخضوع لها، وهكذا كلام يعود بنا إلى ضرورة عقد اجتماع الفصائل كي يحسم هذا الأمر، ويعود بنا إلى ضرورة إصلاح منظمة التحرير كشرط للتقدم خطوة في اتجاه الانتخابات، ويعود بنا إلى ضرورة التمسك بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 19/67، القرار الذي اعترف بفلسطين دولة بصفة مراقب سنة 2012، وعليه فإن من حق الشعب الفلسطيني أن ينتخب ممثليه في برلمان الدولة، بعيداً عن اتفاقية أوسلو، والالتزام الجبري ببنودها من جميع القوى المشاركة في الانتخابات، وكأن اتفاقية أوسلو هي قدر الشعب الفلسطيني، وهي حصيلة تضحياته.
حتى الآن لا تقدم جدي بهذا الشأن، لذلك يدير الشعب الفلسطيني ظهره لكل ما يجري من حوله، ويقول: نحن زاهدون بملهاة الانتخابات، ونرفض أن نكون فئران التجارب، وعينة فحص في المختبرات.