"تلوث بنسبة ٩٠٪ في مخزون المياه الجوفية، مما يؤدي إلى تفشي أمراض خطيرة، وقد حذر رئيس قسم الكلى في مستشفى الشفاء في غزة، من زيادة عدد مرضى الفشل الكلوي، الناتجة عن تلوث المياه خاصة في ظل ظروف الحصار الحالي". وأوضح أن مياه القطاع تحتوي على "نسبة مرتفعة من النيترات والكلورايد وتعتبر سببًا من أسباب الفشل الكلوي في قطاع غزة"، إضافة إلى نسب مرتفعة في المياه "لبعض المعادن الثقيلة الأخرى، مثل الرصاص والكبريت التي تؤثر على صحة الناس".
وعبرت الممثلة الخاصة لليونيسف في فلسطين جون كنوغي، عن قلقها إزاء مشاكل المياه في القطاع قائلة: إن "قضية المياه الصالحة للشرب مصدر قلق كبير للمجتمع الدولي وللفلسطينيين، وإن غالبية سكان غزة، (أي نحو الثلثين) يشترون المياه للشرب من القطاع الخاص، لكن علينا أن نتأكد من جودة هذه المياه؟! ومعرفة القدرة على تحمل تكاليفها؟!، لأن العديد من المنازل الفقيرة غير قادرة على تحمل نفقة مواصلة شراء هذه المياه؟!".
أي لدينا مع المياه (ثلاث مشكلات) خطيرة: الأولى عدم توفر المياه الطبيعية الصالحة للشرب. والثانية الاعتماد على المياه التي يقوم بتحليتها القطاع الخاص وبيعها للسكان من خلال سيارات المياه المحلاة دون أن توجد ضمانة حقيقية لجودتها وبعدها عن التلوث، لقلة خضوعها لعمليات الفحص الدورية.
يقول الخبير في شؤون المياه البروفيسور عدنان عايش: "إنه وفق دراسة أجراها بالتعاون مع جامعة الأزهر التي يدرس فيها تبين أن "نحو 75 % من المياه المحلاة التي توزع على البيوت ملوثة"، والثالثة أن جزءًا كبيرًا من السكان وخاصة الفقراء لا يستطيعون دفع ثمن هذه المياه، لذا يلجؤون إلى مياه الآبار الملوثة، ومن ثم تزداد حالات الفشل الكلوي بين الطبقات الأكثر فقرًا في المجتمع.
المشكلة ليست بنت اليوم، فمنذ سنوات حذرت المؤسسات الدولية العاملة في غزة من خطورة مشكلة المياه المتفاقمة في غزة، ومما قالته إن غزة غير صالحة للمعيشة بحلول ٢٠٢٠م بسبب تلوث مياه الشرب، ومن هنا نشأت فكرة الأطراف المانحة لغزة بالذهاب إلى إقامة مشاريع تحلية كبيرة الحجم لمياه البحر. ولكن لم ينجز من هذه المشاريع إلا جزء قليل لا يتناسب مع عدد السكان، أو مع حجم المشكلة.
تقول المسؤولة في اليونيسف لفرانس برس: إن "الكثير من الأطفال يعانون من الطفيليات والديدان والإسهال وسوء التغذية، ويملك 10% فقط من سكان غزة إمكانية الوصول إلى مياه آمنة".
وإن الحلول "هي إدارة أفضل للمياه الآمنة ونظام المياه العادمة، وصيانة الأنابيب لأن الخسارة تصل أحيانًا إلى 40% من المياه الآمنة بسبب الأنابيب المكسورة التي يوجد فيها تسريب، كما يتوجب تحلية المياه الجوفية أو تحلية مياه البحر". ويؤكد مدير عام مصلحة بلديات الساحل منذر شبلاق، "أن القطاع مقبل على كارثة مائية وبيئية فعليًا".
إن مياه الأمطار لا تعوض إلا جزءًا يسيرًا من العجز في المياه الجوفية، ويقدر المهندسون أن نسبة العجز بعد عام ممطر بشكل جيد تبلغ (١٢٠) مليون متر مكعب في السنة، بينما لا تعاني دولة الاحتلال من شيء من هذه المشكلة، بل تقوم بسرقة مخزون الضفة الغربية في المياه.