فلسطين أون لاين

"بلفور" و"أوسلو" يوصلان الفلسطينيين لأوضاع اقتصادية متدهورة

...
صورة أرشيفية
غزة/ رامي رمانة:

أدخل وعد "بلفور" واتفاقية "باريس"، الاقتصاد الفلسطيني في "متاهة" متشعبة جردته من مقوماته على اختلاف أشكاله الإنتاجية، وجعلته اقتصادًا هشًّا تابعًا.

الحال الذي وصل إليه الاقتصاد الفلسطيني، مثقل بالديون الداخلية والخارجية، ميزانه التجاري غير متكافئ، ومعدلات البطالة والفقر مرتفعة جدًّا، وأضحى الاقتصاد اتكاليًّا على المساعدات الدولية التي انحسرت غالبيتها؛ وفق مراقبين.

ويعد المراقبون اتفاقية باريس ونتائج وعد بلفور "وجهان لعملة واحدة" في نهب الموارد الفلسطينية ومنع التنمية الاقتصادية.

وبروتوكول (اتفاقية) باريس الموقع 1994م يمثل الشق الاقتصادي لاتفاق أوسلو الذي وقعته منظمة التحرير و(إسرائيل) سنة 1993م. وشمل البروتوكول أربعة قطاعات اقتصادية هي: العمل، والعلاقات التجارية، والمسائل المالية، والترتيبات النقدية.

ويُنظر إلى الاتفاقية على أنها كانت "مصيدة" محكمة الصنع وقعت فيها منظمة التحرير بتسرع دون تفكير بالعواقب المستقبلية التي ستترتب عليها، إلى جانب القيود التي فرضتها على الاقتصاد الفلسطيني.

وجاء اتفاق أوسلو بعد 76 سنة على وعد بلفور الذي قطعه وزير الخارجية البريطاني عام 1917 آرثر بلفور الذي أبلغ اللورد روتشيلد، أحد زعماء الحركة الصهيونية آنذاك، بالنيابة عن الحكومة البريطانية أنها تنظر بما سماها "عين العطف لتأسيس وطن قومي" لليهود في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية.

سرقة الموارد الطبيعية

ويقول الاختصاصي الاقتصادي د. معين رجب: إن وعد "بلفور" بمنزلة "الهدية" التي قدمتها بريطانيا للاحتلال الإسرائيلي، الذي على إثره ذهبت 78% من الأراضي الفلسطينية، لمصلحة الاحتلال، وأن تلك الأراضي مميزة عن غيرها، لأنها غنية بالموارد الطبيعية الخصبة، ومطلة على مسطحات المائية، ومتحكمة في الحدود.

ويضيف رجب لصحيفة "فلسطين"، أن فلسطين كانت قبل الاتفاق المشؤوم ذات اقتصاد قوي يقوم على الزراعة، والتجارة، وحينما هيمن الاحتلال على فلسطين بعد حرب 1967 زادت سرقته للموارد الطبيعية الفلسطينية، وقوض النشاطات الاقتصادية وسخرها لمصلحته، بل جعل الفلسطيني عاملًا أجيرًا بعد أن كان سيدًا لأرضه.

ويعبر رجب عن أسفه لعدم اعتراف بريطانيا، بالأذى الذي ألحقته بالاقتصاد الفلسطيني، منذ إعلان بلفور، فكان "عليها أن تقدم تعويضات مالية".

ويدعو رجب إلى منع السلوك الاقتصادي الإسرائيلي الخطير الذي يغرق الأسواق المحلية بمنتجات الاحتلال، وذلك بتوفير الحماية للمنتج الوطني وتعزيز المؤسسات الإنتاجية.

ويشدد على أن الاقتصاد الفلسطيني، أصبح في ظل هذه التغول الإسرائيلي والتواطؤ البريطاني يعتمد على المعونات الخارجية للحفاظ على نموه، وتغطية عجز الميزان التجاري، لتجنب الانهيار الذي خلقته الترتيبات الاقتصادية الحالية.

اتفاق باريس الاقتصادي

وحينما حصلت السلطة الفلسطينية على ما سمي "حكمًا ذاتيًّا" في إطار اتفاق أوسلو وما تمخض عنه من اتفاق باريس الاقتصادي، ظنت أن الحال الاقتصادي سيكون للأفضل، وهي لا تدرك أنها كانت في طريقها نحو مزيد من الانهيار الاقتصادي والوقوع في شباك الاحتلال لإبقائها تحت هيمنته.

ويوضح الاختصاصي الاقتصادي د. هيثم دراغمة، أن سلطات الاحتلال حينما أبدت موافقتها على اتفاق أوسلو آنذاك، كانت درست التفاصيل الدقيقة في هذا الاتفاق، ومآلاته السلبية قبل الإيجابية، وحينما تأكدت أنه سيكون لمصلحتها وأن الاقتصاد الفلسطيني سيكون بيدها أعلنت موافقتها.

ويؤكد دراغمة لصحيفة "فلسطين" أن السلطة تدفع اليوم تلك الضريبة، فهي غير قادرة على الانعتاق من تلك الاتفاقية أو حتى أن تجري عليها أي تعديل، على الرغم من أن بنودها تنص على حق الفلسطينيين في ذلك.

ويبين الاختصاصي دراغمة أن اتفاق باريس أسفر عن خسائر ضريبية كبيرة للخزينة العامة، وأعجز الاقتصاد الفلسطيني عن التعامل مع الأسواق الخارجية خاصة العربية، لافتًا إلى أن اتفاق باريس لم يحدد بفترة زمنية ولم يمكن السلطة من تقييمه أو التعديل عليه.

ويشير إلى أن الاحتلال بموجب هذه الاتفاق حدد للسلطة السلع المستوردة ونوعيتها وقيمة الضرائب على هذه السلع بل ألزم السلطة بالاستيراد من السوق الإسرائيلية.

ويلفت إلى أن الدول العربية باتت تتسارع للتطبيع الاقتصادي مع الاحتلال "فوق الطاولة"، وهذا أضرَّ كثيرًا بالفلسطينيين.

ويؤكد دراغمة أن الفلسطينيين بأمس الحاجة لبدائل لاتفاقية باريس تستند إلى اتفاقية جديدة تضمن حرية التجارة والانفتاح على العالم الخارجي، وتنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي يدعم القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والزراعة وتسهيل التجارة.

وصعدت نسبة البطالة في السوق الفلسطينية إلى (26%) في الربع الثاني من العام الجاري، وفق الجهاز المركزي للإحصاء.

وذكر أن عدد العاطلين عن العمل بلغ حسب تعريف منظمة العمل الدولية 351 ألف شخص، في الضفة الغربية وقطاع غزة.