فلسطين أون لاين

تأييد ومعارضة للإنجاب "دون فوارق عمرية" بين الأبناء

...
غزة/ هدى الدلو

لا تخلو الجلسات النسائية من نصائح الجدات لأي أم جديدة بإنجاب أبنائها واحدًا تلو الآخر: "خلفيهم ورا بعض وارتاحي، بتربو سوا"، "هاتيهم وأنتِ صغيرة"، وغيرها من الجمل التي تلقى على مسامعهن، بعضهن تأخذ بالنصيحة، وأخريات يرفضنها جملة وتفصيلًا.

صحيفة "فلسطين" استطلعت آراء سيدات في ذلك، ومنهن العشرينية هالة عبد الله، وهي أم لخمس بنات والسادسة ستولد بعد أشهر قليلة، أنجبتهن بعمليات قيصرية ما عدا طفلتها الأولى، ومع ذلك أخذت بنصيحة والدة زوجها قلبًا وقالبًا، خاصة أنها حتى الآن لم ترزق طفلًا ذكرًا.

"أنا مع الحمل والإنجاب مباشرة دون وجود فوارق عمرية بين الأبناء، فمن يربِّ طفلًا يربِّ 10، خاصة أني امرأة صبور وطويلة بال على الأطفال، حتى إني قبل زواجي كنت محبوبة من كل الأطفال، فقد أنجبت خمسًا من البنات تواليًا، ولدي القدرة على تحمل مسئولياتهن وتلبية متطلباتهن دون إهمال بيتي أو زوجي" تقول هالة.

وتبين أن الطبيب اقترح خلال متابعتها الحمل إجراء عملية "ربط للرحم" لخطورة إجراء المزيد من العمليات القيصرية خوفًا من حدوث مضاعفات، مستدركة: "لكني رفضت لصغر سني، ولأني حتى الآن لم أرزق أخًا لبناتي يكون لهم سندًا في الحياة".

في المقابل ترفض أم إياد المبدأ جملة وتفصيلًا لكونها سيدة عاملة، ولأن الإنجاب والتربية يحتاجان إلى جهد كبير، ومسئولية حملها الأكبر على الأم، لكنها تواجه ضغطًا من والدتها وحماتها، وزوجها من قبلهما، بحجة أن سنها تجاوزت 33 عامًا، ولديها بنت وولد، إذ يلقون على مسامعها: "لحقي جيبيهم وأنتِ فيك صحة".

تقول: "الأمر ليس بالهين كما يعتقد بعض، بل يحتاج إلى تخطيط ودراسة من عدة نواحي، كالجانب المادي، والصحي للمرأة، وقدرتها على تحمل ضغط العمل الخارجي، ومسئوليات البيت والزوج والأبناء، والإنجاب دون وجود فوارق عمرية بين الأبناء أيضًا يؤثر سلبًا فيهم، فلا يأخذون حقهم في التربية والدلال".

قصة مشابهة عاشتها عبير التي أغرتها حماتها من بداية حياتها الزوجية بقولها: "أنتِ أنجبي وأنا أربي، أريد أن يكون لابني الوحيد عزوة وسند في الحياة"، لكنها تبين أنه لا أحد يتحمل مسئولية الأبناء كالأم، فهي من يقع عليها العاتق الأكبر في تربيتهم.

ورزقت عبير توائم، ما زاد من العبء الملقى على كاهلها، إذ أصبح لديها أربعة أبناء في غضون ما يقارب ثلاثة أعوام.

ضوابط

من جانبه يوضح طبيب الأسرة د. بسام أبو ناصر أن المقولات الداعية إلى إنجاب الأطفال دون فوارق عمرية تحتمل الخطأ، إذا كانت المقصودة فيها أمًّا صغيرة لا تحتمل نفسيًّا أو جسديًّا، مضيفًا: "أما إذا كانت تتمتع بقوة جسديًّا ونفسيًّا وفكريًّا، وهذا فعليًّا لا يحدث إلا بعد سن 18-20 عامًا؛ فالمقولة صحيحة، إذ يكون جسد الفتاة ناضجًا؛ فتتحمل الحياة الزوجية".

وعندما تنطبق هذه السن والمؤهلات على الفتاة تكون – كما يضيف أبو ناصر لصحيفة "فلسطين"- في أوج تطورها الفكري، وبذلك تكون قريبة فكريًّا من جيل أطفالها عند إنجابها؛ فتكون العلاقة بينها وبينهم قوية فكريًّا وعاطفيًّا، مع مراعاة الإبقاء على مدة لا تقل عن سنتين بين كل حمل وآخر، حتى لا يحدث أي مضاعفات جسدية.

ويعرب أبو ناصر عن أسفه على أن بعض الفتيات كانت سابقًا تُزوَّج وهي في سن صغيرة، كأن تبلغ 13 عامًا فقط.

من جهتها تقول الاختصاصية الأسرية والنفسية تحرير أبو شرار:"إن إنجاب الأطفال دون وجود فوارق عمرية بينهم يزيد عبء تربية الأطفال على الأم، وتكون مهملة لجسدها ونفسها".

وتتابع لصحيفة "فلسطين": "أيضًا الأم تتأثر نفسيًّا، بأن تصب اهتمامها على أطفالها ويقل اهتمامها بنفسها، ويكون شغلها الشاغل تربيتهم، ويؤثر ذلك في ميزانية البيت، فأن يصبح طفلان بمرحلة واحدة يسبب كثيرًا من الالتزامات والأعباء المادية ويحتاج إلى جهد بدني من الأم، ولكن عندما يكبرون قد يكون إيجابيًّا بأن تتفرغ لنفسها بعد تربية أبنائها".

وتنبه أبو شرار إلى أن الحمل المتتابع دون فوارق عمرية بين الأطفال، له تأثير نفسي على الطفل أيضًا، خاصة أنه لم يأخذ حقه في الدلال فتنشأ الغيرة لوجود طفل جديد.

ومن جانب آخر –تواصل حديثها- إن للحمل المتتابع تأثيرًا إيجابيًّا؛ فالأطفال سيكبرون معًا، وبذلك تقوى علاقتهم إذ يصبحون متقاربين في سنوات معينة، ويتشاركون فيما بينهم.

وتنصح أبو شرار في حال اللجوء إلى إنجاب أبناء تواليًا دون تنظيم نسل بالتركيز على عدة عوامل، منها سن الزوج والزوجة، والحالة الصحية لهما، والحالة المادية للأسرة، وتوفير السكن الملائم، وأن يكون هناك نوع من التشارك بين الأب والأم في تربية الأبناء.