فلسطين أون لاين

تضحيات شعب أم أحزاب؟


استمعت إلى تعقيب الدكتور أنيس القاسم على رؤيته لمستقبل منظمة التحرير بعد مؤتمر فلسطينيي الشتات الذي انتخب رئيسًا له، القاسم أرسل رسالة طمأنينة إلى قيادة المنظمة، ولكنها لم تكن مثل "شيك على بياض"، إذ اعترف أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ولكنه اعترف أيضًا أن حالة المنظمة في الوقت الراهن يرثى لها، ولابد من العمل على إعادة تأهيلها، وقد انطلق القاسم في تمسكه بتمثيل المنظمة من التضحيات الكبيرة التي قدمتها من دماء أبنائها وأموالهم على مدار عشرات السنين.

ما تفضل به د. أنيس القاسم يعبر عن ذكاء وفطنة فلسطينيي الشتات والقائمين على المؤتمر، إذ فوتوا الفرصة على من أرادوا شق الصف الفلسطيني، وإحداث انقسام جديد، بذريعة وجود كيان آخر بديل عن منظمة التحرير، ورؤيتهم لم تتجاوز اتفاقات عقدت بين الفصائل الفلسطينية بما فيها فتح وحماس، وتضمنت إعادة تأهيل منظمة التحرير لتكون ممثلًا لجميع فئات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وأكدت الثوابت الفلسطينية الأصيلة.

بعد انتهاء المؤتمر وما خرج به من قرارات واضحة تبين أنه لا علاقة لحركة حماس بعقده، ولا نية لأحد بهدم منظمة التحرير، فالجميع يريد ترميم ما هو موجود من أجل استمرار مسيرة التحرير، وثبت أن كل الادعاءات التي وصفت المؤتمر بالخياني وأنه لمصلحة العدو الإسرائيلي كانت ادعاءات باطلة، لا أساس لها من الصحة.

أمران لابد من توضيحهما في هذا السياق، الأول أنه يجب على فصائل منظمة التحرير الكف عن اتهام الآخرين بالخيانة بمجرد ظنهم أن العمل لا يناسبهم، وكم من عمل لا يناسب منظمة التحرير ولكنه مفيد للشعب الفلسطيني!، مؤتمر إسطنبول إذا ما نفذ ما اتفق عليه فسيكون لمصلحة شعبنا وقضيتنا، ولمصلحة منظمة التحرير أيضًا، ولن يكون بأي حال من الأحوال خدمة للمحتل الإسرائيلي، رفض حماس إجراء الانتخابات في غزة لن يكون خدمة للمحتل، الرفض كان مبررًا، من وجهة نظر حماس، ولكن الانتخابات في ظل السلطة الفلسطينية لا تجرى بأوقاتها؛ فالمجلس التشريعي الأول استمر عشر سنين، وكذلك لجان البلديات "غير المنتخبة"، من 1995م حتى 2005م، فهل كان تأجيلها خدمة للمحتل الإسرائيلي؟

الأمر الثاني الذي أود تأكيده أن كل فلسطيني استشهد أو جرح أو أسر أو فقد ممتلكاته داخل فلسطين أو خارجها لأجل القضية هي تضحيات تحسب أولًا لشعبنا الفلسطيني، سواء أكانت تحت مظلة منظمة التحرير أم حماس أم الجهاد أم أي فصيل فلسطيني أم كانت دون مظلة حزبية، شعبنا هو الذي يقدم التضحيات، لا نريد أن ننسب التضحيات إلى الفصائل فقط، وكأنها هي الشعب، فمن يرِد أن يحافظ على تضحيات شعبنا فعليه التمسك بالثوابت الفلسطينية؛ فالثوابت لا تتبدل والشعب قد لا يفنى ما بقيت الحياة، أما الأحزاب والمنظمات فقد تفنى وتزول ويطويها النسيان، ويظل صاحب الفضل والتضحيات هو الشعب.