يقول الله تعالى في محكم كتابه العزيز: "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا"، لقد عجزت السموات والأرض عن حمل الأمانة، وحملها الإنسان، وجاء ذلك من باب التمثيل على صعوبة حملها، فحمل الأمانة، وتولي الشخص لمنصب هو بالأساس يأتي لخدمة الناس وتسهيل مهامهم، كما أن الجميع يعلم أنها من باب التكليف وليس التشريف.. ولكن من حمل الأمانة فما هو الأفضل تهنئته أم الدعاء له؟ هذا ما نتطرق للحديث عنه في السياق التالي.
يقول د.عاطف أبو هربيد الأستاذ المساعد في كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية: "لكل وظيفةٍ أو مُهمة تُوكل إلى الإنسان تقع بين إطارين عام وآخر خاص، فأي وظيفة مهما كانت عظيمة وصغيرة لا بد من العلم أنها أمانة يجب تأديتها على أكمل وجه، لقوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا".
وأشار إلى أنه نظرًا لعظم الأمانة فإن السموات والأرض عجزت عن حملها، وحملها الإنسان، كما جاء في قوله تعالى: "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا".
وأوضح د. أبو هربيد أن الوظيفة أمانة ولها مقصودٌ شرعي، ويرجى منها تحقيق مصالح العباد، ومن أجل ذلك يجب أن تسند إلى من هو أهلًا وكفؤًا، كما جاء في قوله تعالى: "يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ"، وقوله جل وعلا على لسان يوسف عليه السلام: "قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ".
ونوه إلى أن الأمانة لا تُعطى إلى من طلبها أو حرص عليها لأنه يعبر ضمنيًا عن طمعه في امتيازاتها ليس غير، وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، استعملني، قال: فضرب بيده على منكبي، ثم قال: "يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزيٌ وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها".
وذكر د. أبو هربيد موقف عمر بن الخطاب عندما دنت منه المنية، وأعزي له أن يعين ابنه خليفة له فرد عليهم قائلًا: "ألا يكفي أن يحاسب واحد من آل الخطاب على حقوق المسلمين"، ونظرًا لثقل حمل الأمانة، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "لو أن بغلة بالعراق عثرت لظننت أن الله يسألني لِمَ لم تمهد لها الطريق".
ولفت إلى أن المسئولية عظيمة، ولكن يكون الله بعون من يكلف بحملها، ولا يطلبها، ولكن من يسألها فلن يكون الله بعونه.
وبين د. أبو هربيد أن الإنسان المسلم الذي يحمل مثل هذه الأمانة يكون أولى به الدعاء من التهنئة، نظرًا لحاجته لذلك، كما أنه عندما يوّلى في هذا المنصب لا ندري سيؤدي الأمانة كما طلبت منه، ويستطيع حملها، أم أنه سيقصر في أدائها، لذلك لا بد أن نسأله بأن يعينه الله على حملها.