فلسطين أون لاين

"شيطنةٌ مُستمرَّة"

كيف تحوَّلت المحاكم العسكرية الأردنيَّة إلى "أداةٍ للانتهاك الحقوقيّ" لمن يدعم المُقاومة الفلسطينيَّة؟

...
كيف تحوَّلت المحاكم العسكرية الأردنيَّة إلى "أداةٍ للانتهاك الحقوقيّ" لمن يدعم المُقاومة الفلسطينيَّة؟

كشفت تقارير حقوقية، تفاصيل اعتقال السلطات الأردنية المواطن "أحمد بركات" منذ التاسع من آذار/مارس 2024 ومحاكمته أمام محكمة أمن الدولة (محكمة عسكرية) بتهم تتعلق بدعم الإرهاب وهو ما يهدد بصدور أحكامٍ عالية في حقه.

وقالت مصادر عائلية مقربة من بركات عن تعرضه إلى ضغط وإرهاق نفسي وبدني ولأدوات ترهيب ماسة بحقوق الإنسان، ليجبر بعد ذلك على التوقيع على ما يُعرف بـ"الإفادة التحقيقية" دون أن يتصل به أي محامي أو يتمكن من الحصول على أي شكل من التمثيل القانوني.

وبحسب المصادر، فإن الإفادة المنتزعة من بركات تمت تحت الضغط والترهيب النفسي واشتملت على بنودٍ يمكن أن تسمح بإدانته تحت أحكام قانون منع الإرهاب الأردني ذي النصوص الفضفاضة.

ووجّهت السلطات الأردنية إلى بركات تهم متعلقة بـ"القيام بأعمال من شأنها الإخلال بالنظام العام" و"حيازة مواد مفرقعة بقصد استخدامها على وجه غير مشروع"، حيث تزعم لائحة الاتهام إنه حاول إيصال صاروخ متطور (كاتيوشا) إلى أراضي الضفة الغربية المحتلة لصالح جهات فلسطينية.

ومن جهته، قال مجلس جنيف للحقوق والحريات إنه يتابع بقلق الاستخدام الشائع في الأردن للمحاكم العسكرية كأداة لارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان بما في ذلك الاحتجاز التعسفي والتعسف بمعايير المحاكمة العادلة وغياب شرط استقلالية القضاء، وذلك تحت مزاعم "دعم الإرهاب".

وشدِّد مجلس جنيف على أن محكمة "أمن الدولة" الأردنية التي تنظر في قضية بركات وغيره الكثير من المحتجزين تعسفيا في الأردن، غير معترف بها وبأحكامها دوليًا، كونها تتشكل من قضاة عسكريين ملتزمين بهرمية الأوامر التنفيذية العسكرية لجيش الدولة وهو ما يطعن بالضرورة في حيادية هيئتها وفي استقلال أحكامها.

وحث المجلس الحقوقي الدولي السلطات الأردنية على إنهاء الاحتجاز التعسفي بحق المواطن بركات وضمان حصوله على كافة حقوقه في مرحلة التقاضي بما في ذلك إلغاء الاعترافات المنتزعة منه كونها بركات مشوبة بمخالفات قانونية مبطلة لكل ما تلاها من إجراءات بسبب عدم صحة الإجراءات والأساليب القانونية المتبعة أثناء أخذها.

كما طالب السلطات الأردنية بوقف حملات الاحتجاز والاعتقال التعسفية بحق مواطنين ونشطاء أردنيين على خلفية المشاركة في تظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في جميع أنحاء البلاد منذ بدء الحرب "الإسرائيلية" على قطاع غزة في السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023، والالتزام بموجباتها الدستوريَّة والتزاماتها الدوليَّة من خلال الحفاظ على مساحة آمنة للنقاش العام وحرية التعبير عن الرأي والتجمع السلمي.

ووفقًا للملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن في الأردن، فإن محكمة أمن الدولة جرّمت منذ عام 2007 نحو 37 شخصًا في 13 قضية على خلفية قيامهم بفعل مقاوم ضد الاحتلال الإسرائيلي، أو دعم المقاومة، من بينهم أربعة أشخاص ما زالوا يقضون محكومياتهم وثلاثة أحيلوا حديثًا إلى محكمة أمن الدولة، إذ تراوحت الأحكام بين الأشغال الشاقة المؤقتة لمدة عام، والأشغال الشاقة المؤبدة.

ومن جهته، أكد رئيس لجنة مقاومة التطبيع النقابية في الأردن بادي الرفايعة، أنّ دعم المقاومة شرف وليست تهمة تُحاسب عليها الأجهزة الأمنية في الأردن.

ووصف الرفايعة، الأنباء الواردة عن تعذيب المعتقلين المتهمين بـ"دعم المقاومة" في السجون الأردنية، بأنها "فعل شنيع ومرفوض، يتنافى مع الأردن وقيم شعبنا الذي ينحاز برمته للقضية الفلسطينية باعتبارها قضيته المركزية".

وأضاف: "ليس من المعقول في ظل ما يفعله العدو في غزة من قتل وإبادة، أن يتطوع البعض في ملاحقة المقاومين ومن يعملون لأجل مساندة المقاومة في فلسطين".

ودعا الرفايعة، الحكومة الأردنية لإلغاء ما يسمى بـ" قانون مكافحة الإرهاب"، والإفراج الفوري عن كل المعتقلين على خلفية دعم المقاومة.

وتابع: "بعد السابع من أكتوبر ينبغي أن نعيد جميعًا التفكير في العلاقة مع الاحتلال؛ الذي يعتدي ليل نهار على الوصاية الهاشمية بالقدس، ولا يتوانى عن استهداف الأردن في مخططاته".

وكشف القيادي والمعتقل السابق في السجون الأردنية خالد الجهني عن تفاصيل مأساوية لظروف واقع اعتقال عدد من يتهمهم النظام بدعم المقاومة، قائلًا: "إنهم يتواجدون في معتقل لا يليق بهم وفق الظروف الآدمية، ولا ينسجم مع القوانين الأردنية أساسًا".

ويضيف الجهني، أنّ "المعتقلين الثلاثة تعرضوا للتعذيب، على خلفية دورهم في دعم المقاومة، حيث تهجمت عليهم القوارض، وهم يقبعون في سجون مكتظة، وفي ظروف غاية في السوء".

وأكد، أن دعم المقاومة طبع أصيل أدرني لم يتخلّ عنه الشعب الأردني طوال تاريخه الممتد، وأن العلاقة بين الشعبين "أكبر من أي جهة دولية أو اجتماعية أو سياسية تزرع الفتن أو تدق الأسافين بينهما".

ووفقًا للجهني، فإن "هناك عملية لتحويل وتبديل القوانين الأردنية بما ينسجم مع اتفاقية وادي عربة؛ التي تنص على أن دولة الاحتلال هي صديقة، وتحتم على السلطات منع أي إجراءات للمقاومة من قبيل الدعم والتهريب، وغيرها".

وأوضح أنّ "هذه القوانين باتت تلاحق حتى الكلمة في الأردن، حيث تم توقيفي على تهمة دعم المقاومة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وفقًا لقانون الجرائم الإلكترونية".

وحذر الجهني من خطورة هذه القوانين، التي تكمن في أنها "باتت تتبنى الاحتلال كطرف صديق ودولة جوار"، مشددًا على أنّ اتفاقية وادي عربة لن تؤدي بأي حال لمسح ذاكرة الشعب الأردني، وأن كل هذه الإجراءات المعدلة لن تُغير من عقيدة الشعب الأردني تجاه الاحتلال.

المصدر / فلسطين أون لاين + وكالات