فلسطين أون لاين

"رسالة إلى إسراء الجعابيص"

...
بقلم/ آية أحمد سعد:

عزيزتي إسراء

تقفُ حروفي خجلى مبعثرة أمام "سيدة هذه الأرض"، وأقف أنا وراءها ألملمها علّها تفِي بالغرض، وأبكي كثيرًا إذا باءت محاولتي بالفشل.

جميلتي، أقول جميلتي وأنا أرى الياسمين بين تجاعيد وجهك المبكرة، وأرى وطني يقف على راحتيك اللتين أشعلتا أصابعهما العشرة نورًا له، وأرى اسمي في صبرك، وأرى اسمك فيكِ، فوجهُ العافية هو وجهك، ووجه البلاد هو وجهك، وكل أماني اللاجئين تقودهم إليك.

تنامين كل يوم على بردة السجن، ولا تنامين في مخيّلة طفلة رسمت لها (البلياتشو) يومًا، وهرّجت لها بزي المهرج الضاحك الذي كان يداري أكوام الحزن والتعب على جبينك، وتبقىخالية من كل شيءٍ سواك، وكلها شغفٌ نحوك، تسمع حسيسك، وكلما أننت أنَّتْ، تسخط على كل من يخنق البلابل ويقتل العصافير، تجمع مصروفها لتشتري لك الورد، تدعو الله أن تكون طيرًا يحطُّ على نافذتك، أو لحنًا من ألحان السلام على مسمعيكِ.

أعتذر إليك عن كل مرة انتظرت فيها الشمس ولم تأت، وعن كل مرة أكلت فيها الرطوبة أحلامك، وعن آخر مرةٍ نظرت فيها إلى المرآة المكسورة بغرفة السجن، وعن كل مرة عزّ عليكِ ماضيكِ، وعن كل مرة كان صدرُكِ فيها ضيّقًا حرجًا كأنما يصّعدُ إلى السماء، وعن كل مرة بلغت منك المرارةُ كل مبلغ وكدت تصلين موضع قدمي الشوق للزنابق البيضاء، وعن كل مرة لم أذكرك في صلاتي، وعن كل مرة لم تعيشي فيها لحظات الفرح القليلة في بلادنا، عن كل صيفٍ لم تذهبي فيه إلى الشاطئ ولم تأكلي فيه (الآيسكريم)، وعن أول يوم في المدارس، عن كل "رمضان جانا وفرحنا به بعد غيابه"، وعن كل ليلة عيد، وعن كل بداية شتاء، وعن كل نهاية أسبوع دافئة، وعن كل المواسم، وعن كل برامج "التلفاز" المفضلة، وحناني إليك مع كل دمعةٍ سالت على وسادتك في جوف الليل ولم يعلم بها أحد.

أدري أنه لا جدوى لك من اعتذاري المُبلل، ولا جدوى مني إلا أن أعتذر.