يُظهِر قادة العدو اختلافهم ما بين مؤيد لشنّ حرب جديدة على غزة، وما بين داعٍ لاستمرار الوضع القائم المستنِد إلى اتفاق التهدئة. وبينما يستمر هذا الجدل في الوسط الإسرائيلي، تقوم قوات الاحتلال بالرد العنيف على كل إطلاق نار من طرف قطاع غزة، بغض النظر عن مُطلِقه أو حجم هذا الإطلاق.
هاتان السياستان؛ النقاش حول جدوى الحرب، والرد العنيف على كل إطلاق نار، تهدفان إلى:
• ردع غزة عن القيام بأي عمل مقاوِم.
• كي ذاكرة أهالي وقيادات غزة من خلال استحضار مشاهد الدمار والقتل الواسع، والتهديد بما هو أوسع وأفجع.
• ترويض غزة لقبول التهدئة وتحويلها إلى هدنة دائمة.
• توتير الجبهة الداخلية في غزة، التي أثقلها الحصار المستمر، والدمار الذي لم يكن من السهل معالجة آثاره، ويتم هذا التوتير من خلال التلويح بالحرب واستعراض إرهاصاتها بين الفينة والأخرى، بحيث تشكِّل هذه الجبهة مانعًا قويًا أمام أي قيادة تفكِّر في التصعيد.
إن نجاح إسرائيل في فرض استمرار التهدئة في غزة هو نجاح لأهدافها، وهو انتصار مسبق، ودون قتال. وعلى الطرف الآخر، فإن فشل غزة في إنهاء الحصار، واكتمال الإعمار، فضلًا عن تطوير جهود التحرير على أرض الواقع، يعني استجابة للحاجات الآنية قصيرة النظر، وتقديمها على استراتيجيات الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يعني هزيمة مسبقة، ودون قتال.
معادلة جديدة تحاول إسرائيل فرضها على قطاع غزة: عليكم أن تتلقوا الضربات القاسية، بالإضافة إلى الحصار المستمر، وليس من حقكم الرد؛ لأنكم إن فعلتم ذلك فستضطرون إسرائيل لحرب ستقتلع المقاومة من غزة.
إنها حرب نفسية يفرضها الاحتلال، وغزة بحاجة إلى فرض معادلة مضادة لسياسات الاحتلال تقوم على ترويضه ليتقبَّل العمليات الصُغرى وبشكل يومي في ظل حصار مستمر وتجاهل مستمر من إسرائيل ومن المجتمع الدولي. عمليات صغرى تتحكّم بها القيادة بحيث لا تسمح بتطورها إلى حرب، حتى ولو صعّدت إسرائيل في عدوانها على مستويات غير عادية.
الظروف الإقليمية ليست مانعًا للفلسطينيين وحدهم من خوض الحرب لو فُرِضت عليهم، وليست إسرائيل المستفيدة من الحرب، فهي قد تبدأها، لكنها لا تتحكم في نتائجها. إن فوضى المنطقة قد تنتقل إلى داخل إسرائيل في أي لحظة، وما على إسرائيل إلا أن تفتح جبهات جديدة وترى.