مع تزايد الأحاديث الدولية بشأن سير المفاوضات النووية الجارية بين إيران والقوى العظمى، وارتفاع نسبة التقديرات المشيرة الى توقيع اتفاق وشيك، لا زالت الحلبة السياسية والأمنية الإسرائيلية تشهد خلافات عميقة حول مستقبل ذلك الاتفاق، بين مؤيد ومعارض.
ففيما يتخذ جهاز الموساد وقيادة الجيش موقفا صارما رافضا لأي اتفاق نووي، إلا أن جهاز الاستخبارات العسكرية خرج بموقف مغاير كليا، إذ أكد أن أي اتفاق نووي مع إيران سيكون أفضل من الوضع الحالي، مما كشف عن عدم وجود توافق حقيقي داخل دوائر صنع القرار الإسرائيلي حول هذه القضية، وهو ما تعمم على باقي أوساط الخبراء والباحثين الإسرائيليين في الشئون الإيرانية.
مع العلم أن الفريق المعارض للاتفاق النووي مع إيران يعتبروه أنه سيكون أسوأ مما كان عليه الاتفاق السابق الموقع عام 2015، لأن إيران قطعت أشواطا طويلة خلال الأعوام الماضية في مجال البحث والتطوير النووي، وهذه مسيرة لا يمكن التراجع عنها، وفي الوقت ذاته، يتهمون إيران بالوقوع في انتهاكات عديدة للاتفاق النووي بدليل حجم التقدم الذي أحرزته في السنوات الأخيرة.
في الوقت ذاته، يرى المعارضون الإسرائيليون لإبرام اتفاق نووي مع إيران، حصول تقدم في البحث والتطوير المتراكم الإيراني في المجال النووي، وهو أمر لا يمكن التراجع عنه، وبالتالي فهو أسوأ بالنسبة ل(إسرائيل)، وقد ينعكس ذلك في الاتفاقية الجديدة، رغم وجود أصوات إسرائيلية أخرى مثل وزير الخارجية يائير لابيد أعلنت أنها لا تعارض أي اتفاق ناشئ، بل تحاول التأثير عليه.
لا يخفي الباحثون الإسرائيليون مفاجأتهم واندهاشهم من صدور مثل المواقف الجديدة داخل الحكومة والجيش المؤيدة لإبرام أي اتفاق نووي مع إيران، ويعتبرونها جزءً من الانسجام مع التوجهات الأمريكية الساعية لإنجاز هذا الاتفاق، ولو على حساب المصالح الإسرائيلية.
مع العلم أن هذه الأطراف الإسرائيلية المؤيدة للاتفاق النووي تدرك أنه لا يوجد بديل أفضل من العودة للاتفاق الأصلي، خاصة في ظل الصعوبات التي تواجهها إيران، ومعاناتها حاليًا من ارتفاع معدلات التضخم والبطالة، لكنها مع ذلك تنجح في البقاء على قيد الحياة، وليست على وشك الانهيار الاقتصادي.
من الواضح أن هذه التقديرات الإسرائيلية "المتشائمة" تشير إلى أن شهورا من التقدم في مفاوضات فيينا تكشف كيف أن (إسرائيل) قد تبقى بمفردها، وستكون وحيدة، رغم أنها لم تستوعب بعد أن الأمريكيين قد افترقوا بالفعل عنها، مع وجود خلاف حقيقي بينهما، مما قد يستدعي منها التصرف بصورة أحادية، بعيدا عن التوافق الأمريكي، مما قد يوصلهما لحالة من الصدام.