فلسطين أون لاين

الطفل "أبو صلاح" محروم الدراسة بـ"سيف قطع الراتب"

...
صورة أرشيفية
غزة/ جمال غيث:

اضطر الجريح عيد أبو صلاح إلى أن يوقف طفله غسان عن الدراسة في رياض الأطفال، بعد أن أقدمت السلطة في رام الله على قطع راتبه في شباط (فبراير) الماضي، وعدم مقدرته على توفير رسوم الدراسة.

في 11 تموز (يوليو) 2002م بترت يد أبو صلاح (34 عامًا) اليمنى، وأصيب بشظايا في مختلف أنحاء الجسم، في إثر استهداف قوات الاحتلال له بقذيفة مدفعية حينما كان سنه 17 عامًا.

ويعيل أبو صلاح أسرة مكونة من ستة أطفال، في منزله البديل وسط بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، بعد هدم قوات الاحتلال منزلهم شرق البلدة.

وضاقت الحياة على الجريح أبو صلاح، لاسيما بعد أن أقدمت السلطة على قطع راتبه، وراتب شقيقه الشهيد سعدي، الذي ارتقى في 14 أيار (مايو) 2018م، وهو تاريخ نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس المحتلة، وراتب شقيقه الأسير غسان المحكوم عليه بالسجن 17 عامًا.

ويقول أبو صلاح: "قطع راتبي بمنزلة إصابة جديدة هذه المرة على يد السلطة، بعد أن أصابتني أول مرة قوات الاحتلال الإسرائيلي في 2002م إصابة أدت إلى بتر يدي، ومنعتني من العمل وإعالة أسرتي، وجعلتني بانتظار صرف راتب يمكنني من إعالة أسرتي".

وبسبب قطع الراتب لم يترك الجريح أبو صلاح بابًا إلا وطرقه، لكن دون أي جدوى، وقد ترتب عليه مبالغ مالية بات غير قادر على سدادها، ودفعه ذلك إلى وقف نجله الصغير غسان عن الدراسة في رياض الأطفال.

وبصوت ملؤه الغضب حسرة على واقع الحال المرير الذي أصابه يقول أبو صلاح: "لم أتوقع في حياتي أن تقدم السلطة على قطع راتبي، فلطالما زعم مسؤولوها أنهم يؤمنون بأن رواتب الجرحى والأسرى والشهداء حق ثابت، لكن تفاجأنا بأن تصريحاتهم لا أساس لها وبقيت حبيسة الأدراج".

"عقاب جماعي"

ويتابع: "لقد أصبت فداء لوطني، ولي الشرف في ذلك"، متسائلًا: "لماذا يقطع راتبي ويحرم أطفالي حقهم في راتب يضمن لهم حياة كريمة؟!"، مؤكدًا أن الراتب المسلوب بقرار سياسي من السلطة هو مصدر الدخل الوحيد لأسرته لتلبية متطلباتها.

ويصف الجريح أبو صلاح قطع راتب أسرته بأنه عقاب جماعي، تمارسه السلطة عليه وعلى العديد من الجرحى دون أي ذنب.

ويشير إلى أنه حاول العمل في مجالات عدة، لكن بسبب إصابته لم يستمر طويلًا في عمل واحد، وحاليًّا هو رهين المنزل، من دون أي دخل ثابت يلبي احتياجات أسرته الأساسية.

أسرة أبو صلاح ليست الحالة الوحيدة في قطاع غزة التي تعاني سياسة السلطة في رام الله قطع الرواتب، فيعاني جرحى آخرون وأسرى وأهالي شهداء قطع رواتبهم.

وقطعت السلطة في رام الله مطلع العام الجاري رواتب نحو 1100 جريح فلسطيني، و400 أسير، و1668 شهيدًا، جميعهم من قطاع غزة.

ومنذ آذار (مارس) 2017م فرضت السلطة في رام الله إجراءات عقابية على قطاع غزة، شملت قطعًا لرواتب جزء من موظفيها بالقطاع وخصمًا من رواتب آخرين، وتقليص إمدادات الكهرباء، والتحويلات الطبية، وإحالة الآلاف إلى التقاعد المبكر الإجباري، وسط تفاقم أزماته وتردي الأوضاع الاقتصادية والإنسانية.

ويشدد الاحتلال الإسرائيلي حصاره على قطاع غزة منذ نحو 13 سنة، برًّا وبحرًا وجوًّا.

ولا يزال الطفل غسان وغيره كثيرون ينتظرون بارقة أمل للالتحاق بمقاعد الدراسة، وتوفير مستلزماتهم المعيشية، لكن ذلك يبدو لهم بعيد المنال، مع استمرار السلطة بسياسة قطع الرواتب.