لا تترك سلطات الاحتلال الإسرائيلي وسيلة إلا وتستخدمها من أجل تحقيق أهداف أمنية، تسعى من خلالها للحصول على معلومات تخص المقاومة الفلسطينية، فكانت أبرز أدواتها مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.
وتخصص سلطات الاحتلال دوائر مختصة لإدارة صفحاتها المختلفة والموجهة للفلسطينيين والعرب عمومًا على مواقع التواصل الاجتماعي، ومنها صفحة "المنسق"، وصفحات وزارة الخارجية المعروفة مثل: "إسرائيل تتكلم بالعربية"، و"إسرائيل في مصر"، و"إسرائيل في الأردن".
ومن تلك الحسابات صفحة المتحدث باسم جيش الاحتلال "أفيخاي أدرعي"، وصفحة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، وصفحة "راديو وتليفزيون إسرائيل" (عربيل)، وصفحة الاقتصاد الإسرائيلي بالمصري.
ويتابع صفحة "إسرائيل بالعربية"، التي يديرها قسم اللغة العربية في دائرة الدبلوماسية الرقمية الإسرائيلية حوالي 1.8 مليون متابع، غالبيتهم شباب وفتيات من فلسطين، ومصر، والأردن.
اهتمام مكثف
الناشط الفلسطيني أحمد جرار، يؤكد أن سلطات الاحتلال تسخر كل إمكانياتها الدبلوماسية وعلى أعلى مستوى رسمي للاهتمام بالإعلام الرقمي بمختلف أشكاله.
ويوضح جرار لصحيفة فلسطين، أن الإعلام الرقمي وشبكات التواصل الاجتماعي، جزء رئيسي من هذا الاهتمام، حيث يتم ضخ الملايين من الدولارات واستغلال العلاقات السياسية والنفوذ واللوبيات لنشر الرواية الاسرائيلية ومحاربة الرواية الفلسطينية.
ويقول جرار: "الاحتلال عبر الإعلام الرقمي يعمل على كتم الرواية الفلسطينية ومنعها من الخروج للعالم، إذ أصبح يشرف على جزء كبير من العالم الافتراضي إما بشكل مباشر أو عبر توقيع اتفاقيات تمكنه من الوصول لأي معلومة يريدها للاستفادة".
ويوضح أنه تم رصد اعتقال سلطات الاحتلال المئات من الفلسطينيين بناءً على معلومات حصلت عليها عبر الانترنت، من خلال متابعتها بشكل مستمر من قبل جهات مختصة.
ويشير إلى أن صفحات الاحتلال عبر الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، تعد وكرًا للتجسس لإسقاط الفلسطينيين والعرب، وهي جزء من الإعلام الناعم الذي يستغله الاحتلال لتبييض صفحته وإظهار صورة مغايرة للمحتل الذي يصادر الأرض ويقتل الإنسان وينهب المقدرات.
ويلفت النظر إلى أن سلطات الاحتلال تحاول من خلال الإعلام الرقمي الظهور بأنها جهة إنسانية وتمد جسورًا للتواصل مع العرب، مستغلة جهل البعض لإسقاط ضعاف النفوس منهم في وحل العمالة أو الابتزاز.
وينوه إلى أن القوانين المشددة التي تمنع التواصل مع صفحات الاحتلال عبر مواقع التواصل الاجتماعي، غير موجودة، وهو ما يسهل على الاحتلال اختراق المجتمع الفلسطيني.
لذلك يوصي الناشط الفلسطيني بضرورة عدم إبقاء المجال مفتوحا للصفحات الاسرائيلية لتغزو المجتمع الفلسطيني، والعمل على محاربة هذه الظاهرة عبر نشر الوعي والتعامل الحازم.
محاولة استعطاف الجمهور
ويؤكد مدير مركز صدى سوشيال، إياد الرفاعي، أن سلطات الاحتلال تستغل الإعلام الرقمي بمختلف أشكاله، بدرجة كبيرة، لتوجيه رسائل إلى الجمهور الفلسطيني، والعالم الغربي، والجمهور الإسرائيلي.
ويقول الرفاعي لصحيفة "فلسطين": "للأسف الماكينة الإسرائيلية الرقمية نجحت في الاستفادة من الإعلام الجديد، من خلال صفحات المنسق كمثال عبر نشر حالات إنسانية، وقضايا عاطفية، وعرض تسهيلات مزعومة عبر الحواجز، وسفر حالات طبية".
ويوضح الرفاعي أن سلطات الاحتلال تستفيد من الإعلام الجديد والصفحات المنتشرة عليه، لتحقيق أهداف أمنية من خلال محاولة إسقاط بعض المستخدمين، أو الطلب منهم معلومات حول أماكن سكنهم، والأشخاص المحاطين بهم.
ويشير إلى أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يستخدم الدبلوماسية الرقمية بشكل كبير من خلال توجيه فيديوهات مباشرة ومسجلة لاستعطاف شعوب العالم.
ومن هذا المنطق، يشدد على ضرورة أن يحارب المستوى الفلسطيني الرسمي، والجمعيات المختصة بالتوعية، الخطاب الإسرائيلي المقدم عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتوعية المتصفحين بخطورة التواصل مع الصفحات الإسرائيلية وانعكاساتها السلبية مستقبلًا.