فلسطين أون لاين

أكاديمية العصافير (عملاء السجون) (2-4)

العصافير مصطلح يُطلق على المتعاونين مع الاحتلال الإسرائيلي (العملاء والجواسيس)، حيث دَرَجَ هذا المصطلح في أدبيات الأسرى الفلسطينيين منذ الانتفاضة الكبرى1987م وحتى يومنا هذا، وتتمثل مهام العصافير داخل السجون الإسرائيلية، باستدراج المعتقل والحصول على أكبر قدر من المعلومات والاعترافات، منتحلين شخصيات دينية ووطنية وسياسية.

فبعد أن يتم جلب المعتقل لغرف التحقيق، ويتم استجوابه وتعذيبه، يتم تحويل المعتقل إلى زنزانة انفرادية، يكون من يمينه ومن يساره مجموعة من المتعاونين مع الاحتلال، يحاولون خداع المعتقل، ويوهمونه بأنهم قادة من قادة العمل الوطني والإسلامي.

بعد ذلك يحول المعتقل إلى سجن، وكما هو متعارف ينبغي على المعتقل الالتزام بأحد الفصائل، ولكنه في هذه المرحلة يرسل إلى معتقل وهمي يكون جميع من بهذا المعتقل هم من العصافير يشكلون أكاديمية متكاملة الأركان، لو نظرت إلى وجوههم تحسبهم علماء ومشايخ، ولو سمعت ما ينطقون تعتقد أنك أمام الخليفة عمر، أما لو صليت خلفهم تظن أنك في المسجد الحرام.

ويروي هنا أحد قادة المقاومة بقصة تتعلق بالعصافير، بعد أن تم اعتقاله والتحقيق معه، لم يعترف، وأيضًا كان نبيهًا، فلم تستطِع أكاديمية العصافير النيل منه وأخذ أي اعتراف، فما كان من الشاباك الإسرائيلي إلا أن هدَّده بالإبعاد إلى جنوب لبنان، فلم تتأثر معنويات هذا القائد الفذ، فتم نقل هذا الشخص عبر طائرة مروحية إلى جنوب لبنان المحتل، وتم إنزاله من الطائرة وتركه يسير لمسافة طويلة، وأثناء سيره في جبال وأحراش لبنان انقض عليه مجموعة مسلحة وملثمة وتحمل شعارات حزب الله اللبناني، وفعلًا حقّق معه الملثَّمون على أنه عميل للاحتلال، فوقع بطلنا في الفخ واعترف بأنه قائد ومناضل وأنه يتبع لفصيل ما ولقائد ما، وهنا وقع قائدنا في فخ أكاديمية العصافير، فكانوا هؤلاء الملثمون هم من عصافير الاحتلال (جواسيس) في جنوب لبنان عندما كان محتلاً.

قصة أخرى فيما يتعلق بالعصافير، حيث روى أحد الأسرى، بأن أُستاذًا جامعيًا اعتقلته قوات الاحتلال الصهيوني ونقلته إلى أحد المعتقلات الإسرائيلية، وحقَّق معه الشاباك ولم يفلح في انتزاع أي اعتراف منه، فقام بنقله للمعتقل، وعرضت لجنة القوى الوطنية والإسلامية كما هو متعارف عليه داخل السجون حول الانتماء السياسي، فاختار فصيل ما، وعند دخوله للغرفة (المردوان)، وقعت عينه على شيخ طاعن بالسن، فتناولا أطراف الحديث، فوجد دكتورنا الفاضل أن هذا الشيخ يحمل من العلم الشرعي والسياسي الكثير، فوثق دكتورنا بالشيخ وبدأ بالاعتراف حول انتمائه لأحد فصائل العمل الوطني، ولم يعلم أستاذنا أنه وقع في أكاديمية العصافير، وأن هذا الشيخ هو أحد جواسيس الاحتلال، فتم تسجيل اعترافه.

وهناك الكثير من القصص والغرائب التي يقع بها أسرانا، فعلى شبابنا الذين يقعون بالأسر أن يحافظوا على كلامهم وعلى تصرفاتهم، فخير الكلام ما قلّ ودلّ، وإن سقطت معلومة هنا أو هناك أمام العصافير فلينكرها أمام ضباط الشاباك.