شدد المتحدث باسم المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، خالد الترعاني، على أن الهدف الرئيس للمؤتمر الذي أسدل الستار، أول من أمس، على يومين من الندوات والنقاش في ظل حضور لافت، هو أن تكون هناك مخرجات وآليات تعيد الروح للعمل الوطني الفلسطيني وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير.
وقال الترعاني، في حديث مع صحيفة "فلسطين"، أمس: إن العمل لإنجاز ذلك سيتم من خلال عدد من اللجان والفعاليات وآليات التواصل والمتابعة التي يسعى المؤتمر بعدما أصدر بيانه الختامي إلى تطبيقها في أماكن وجود الفلسطينيين في الخارج.
وأوضح أنه لا بد من العمل من خلال مؤسسات منظمة التحرير على استعادة الحق الفلسطيني وإعادة البوصلة لفلسطين، والتخلي عن كل "التنازلات" التي تتم باسم المنظمة بالنيابة عن الشعب الفلسطيني.
وأشار إلى أن هذا التجمع لفلسطينيي الخارج هو "تعبير عن الرفض لهذه التنازلات، وعن الرغبة الشديدة للشعب الفلسطيني في أن يكون صوته مسموعًا وأن يكون له مكان على طاولة القرار الوطني الفلسطيني"، منوهًا إلى أن هذا المؤتمر لم يكن فصائليًا، وإنما شعبي يمثل كل ألوان الطيف الفلسطيني السياسي والاجتماعي في كافة أماكن وجوده.
"المؤتمر أكد أن اختطاف منظمة التحرير أو احتكار قرارها دون أي مرجعية شعبية أو ديمقراطية، واغتصاب هذا القرار الفلسطيني لا يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني"؛ أضاف الترعاني، مبينًا أنه "دون أدنى شك، المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج هو تعبير عن رفض تهميش جزء كبير من الشعب الفلسطيني".
ووفقًا لتقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في رام الله، بلغ مجموع الشعب الفلسطيني في العالم (في الداخل والخارج) نحو 12 مليونًا و700 ألف فلسطيني وذلك في نهاية سنة 2016 (مطلع سنة 2017)؛ يعيش نحو ستة ملايين و290 ألفًا منهم خارج فلسطين، أي نحو نصف الشعب الفلسطيني (49.5% تحديدًا).
"مصير الشعب"
ولفت إلى أن المؤتمر أيضًا تعبير عن رفض القرارات التي يتم اتخاذها، وتسعى لتحديد مصير الشعب الفلسطيني، والتنازل عن أجزاء من القدس وفلسطين وحق العودة، دون استشارة الشعب الفلسطيني ودون أن يكون هناك سند شرعي أو قانوني أو حتى شعبي لمثل هذه القرارات.
وعما إذا كان المؤتمرون يسعون إلى العودة إلى ما قبل اتفاق (أوسلو) الذي وقع في 1993، أجاب "دون أدنى شك، أي فلسطيني يحترم فلسطينيته لا بد أن يعود إلى ما قبل (أوسلو)، لأنه كان من أسوأ ما تم فرضه على الشعب الفلسطيني".
ورأى أن هذا الاتفاق أثبت فشله على الصعد السياسية والاجتماعية، منوهًا إلى أن البيان الختامي للمؤتمر "تحدث عن فلسطين من البحر إلى النهر"، محذرًا من أن "الكيان الإسرائيلي الآن يطالب بكل فلسطين من البحر إلى النهر".
وكان المؤتمر أكد في نهاية أعماله، أن "اتفاق (أوسلو) وما تبعه من تنازلات والتزامات وفساد وتنسيق أمني مع الاحتلال ألحق ضررًا فادحًا بمصالح الشعب الفلسطيني ومس حقوقه الثابتة وقسمه"، مردفًا أنه سيتم العمل على إخراج منظمة التحرير من هذا الاتفاق.
ونوَّه الترعاني، إلى أن المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، يسعى إلى أن يكون هناك تمثيل للشعب الفلسطيني في مؤسساته كافة، وأن يكون له صوت حتى تكون هناك عملية ديمقراطية دقيقة ومعبرة بشكل دقيق عن أحلامه وآماله وتطلعاته.
وطالب المتحدث باسم المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، بإعادة هيكلة المجلس الوطني الفلسطيني ليكون فعلاً ممثلاً للشعب الفلسطيني، قائلاً: "أتحدى أي عضو في المجلس الوطني الفلسطيني أن يقول لنا من هم أعضاء المجلس.. لا أحد يعلم من هم هؤلاء الأعضاء، حتى أعضاؤه لا يعلمون.. بعضهم على قيد الحياة وبعضهم مات".
ودعا الترعاني إلى إعادة هيكلة وتفعيل وإحياء مؤسسات منظمة التحرير المختلفة بما فيها المجلس الوطني الفلسطيني واللجنة التنفيذية للمنظمة، وضرورة تمثيل الشعب الفلسطيني فيها، لتكون معبرة عن أطيافه في الداخل والخارج.
ونبه على أن الحشد الذي شارك في مؤتمر فلسطينيي الخارج، هو من الخطوات على طريق إحياء المنظمة، لتكون أصوات فلسطينيي الخارج وتطلعاتهم وآراؤهم تجاه ما يحصل في فلسطين مأخوذة بعين الاعتبار وموجودة على الطاولة.
ومنظمة التحرير التي تعترض على مؤتمر فلسطينيي الخارج، بحسب الترعاني، لا تريد أن تقوم بأي نشاط لتغيير الوضع القائم الذي يستثني أكثر من نصف الشعب الفلسطيني.
"مؤتمر شعبي"
ووصف المؤتمر بأنه "شعبي بامتياز، هدفه أن يكون في كل المحافل والمنابر والأماكن من يتحدث ويتواصل ويضغط باتجاه ضم كل أطياف الشعب الفلسطيني في الخارج (لمنظمة التحرير)"، مشددًا على ضرورة إشراك فلسطينيي الخارج عندما يتمّ اتخاذ القرار الوطني الفلسطيني وتتم مناقشة الوضع الفلسطيني.
وعدَّ المؤتمر "ضغطًا وجهدًا" لإعادة الحياة إلى منظمة التحرير، موضحًا أن الهيئة المنبثقة عن المؤتمر برئاسة المفكر الفلسطيني سلمان أبو ستة، تعمل الآن على إنشاء هيكلية المؤتمر ليكون له وضع يستطيع من خلاله أن يمارس أعماله بطريقة ديمقراطية ومهنية.
وأضاف: "تم إنشاء لجان ستضم عددًا من المشاركين في المؤتمر وأعضاء الهيئة التأسيسية للقيام بدورهم المناط بهم من أجل تحقيق أهداف المؤتمر ومنها إعادة هيكلة وتفعيل منظمة التحرير".
جدير بالذكر أن المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج أثار انزعاج منظمة التحرير، إذ اعتبر عضو لجنتها التنفيذية أحمد مجدلاني في تصريحات له، أنه تجاوز للممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وفق قوله.
لكن الترعاني قال: "إن هذا المؤتمر تداعت له أعداد كبيرة من أطياف الشعب الفلسطيني في الخارج الذين يمثلون أكثر من 50% من شعبنا، لذا فإن أي محاولة لاستثنائهم تضع علامة استفهام كبيرة على شرعية من يريد التحدث باسم الشعب".
وتابع أن تفعيل دور فلسطينيي الخارج ومؤسساتهم والنشاط الذي سينتج عن "المؤتمر الشعبي" سيؤدي إلى عملية تنظيمهم وتجميعهم، مضيفًا: "هذا العمل يضع الجميع أمام مسؤولياته التاريخية الأخلاقية والوطنية".
وطالب بعدم استثناء فلسطينيي الخارج، مبينًا أنهم كانوا في الماضي مشتتين ولم تكن لهم أطر أو خيمة تجمعهم وتعبر عن قلقهم واستيائهم من هذا الاستثناء لوجودهم وكينونتهم كفلسطينيين، مشيرًا إلى أن تنظيم جهود هؤلاء الفلسطينيين سيجبر الجميع على التعامل معهم "بطريقة أكثر احترامًا للشعب الفلسطيني".
ورأى أن إقصاء فلسطينيي الخارج عن المشاركة في منظمة التحرير وتفعيلها، وعدم ضمهم إليها، "فيه إهانة للشعب الفلسطيني".
وعما إذا كان فلسطينيو الخارج قد تأخروا في عقد مؤتمرهم الشعبي، أجاب: "أن تأتي متأخرًا خير من ألا تأتي"، متممًا: "فلسطينيو الخارج على مدى عقود عندهم ملف كبير جدًا وسميك من المراسلات مع القيادة الرسمية لمنظمة التحرير الفلسطينية، تحاول وتسعى وتخاطبهم ليتم ضمهم في المشروع الوطني الفلسطيني، فكان هناك إما فتور أو عدم أخذ هذه الرسائل والاتصالات والتواصل بالجدية المطلوبة".