(لن نستلم أموال المقاصة منقوصة) هكذا صرح محمود عباس قبل أيام عدة أمام الأمم المتحدة، ورغم التصريحات المتشددة، تتسلم السلطة الفلسطينية هذا الأسبوع مليارا و800 ألف شيكل من أموال المقاصة المنقوصة، بعد لقاء ضم حسين الشيخ مسؤول ملف الشؤون المدنية، وموشي كحلون وزير المالية الإسرائيلي.
الذي اتخذ قرار عدم تسلم أموال المقاصة منقوصة هو السيد محمود عباس، وطبل لبطولة القرار طبالون، والذي تراجع عن القرار هو عباس نفسه، وسيطبل لبطولة القرار طبالون، فلماذا كان القرار من الأساس؟ ولماذا كانت البطولة الزائفة؟ ومن الذي تضرر من عدم تسلم أموال المقاصة؟ ومن الذي استفاد من القرار الخبيث؟
المتضررون هم الموظفون، وكل من ترتبط عجلة اقتصاده مع تحرير الراتب، وهم الأغلبية من الشعب الفلسطيني الطاهر الصبور، أما المستفيدون من القرار فهم أولئك الذين مثلوا دور البطولة، ولبسوا ثوب الشجاعة، ولهم أغراض سياسية ستنجلي حتماً بعد حين، والمستفيدون هم أصحاب البنوك، الذين أقرضوا السلطة ملايين الدولارات، بأرباح تصل إلى عشرات ملايين الشواكل، ملايين الشواكل كفيلة بحل معضلة موظفي غزة، ورفع رواتب موظفي الضفة، عشرات ملايين الشواكل التي ربحها أصحاب البنوك والمؤسسات المالية التي انتفعت من قرار البطولة الزائفة، فالذي اتخذ القرار بالتوقف عن تسلم أموال المقاصة كان يعرف أن القرار إلى حين، وجاء الحين بعد أن استفاد من استفاد، وتضرر من تضرر، وبعد أن هُتك عرض القضية الفلسطينية على خازوق القرار الخائب.
قرار عدم تسلم أموال المقاصة يتعلق بمصير شعب، وبمستقبله السياسي، فالذي فشل ورسب وغاص في وحل التراجع، هو المشجع الأول للمحتلين لاتخاذالمزيد من القرارات العدوانية، وقد ضمن رد الفعل المحدود ميدانياً، في ظل قيادة تحارب الشارع الفلسطيني، وتقوض بالتعاون الأمني روح المواجهة مع عدو لا يعرف إلا لغة القوة.
التراجع عن قرار عدم تسلم أموال المقاصة لن يحاسب عليه عباس، فلا مؤسسة واحدة فلسطينية على قيد الحياة قادرة على محاسبة عباس، ولا مجلس تشريعي قادر على محاسبة عباس، وكأن عباس يمتلك كامل الحق في ذبح الشعب الفلسطيني بسكين القرارات الفاشلة، دون خشية من أي نقد أو اعتراض أو ثورة أو غضب أو حتى صراخ وولولة، لذلك استخف محمود عباس بالناس، حين قرر قبل أشهر عدة وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع (إسرائيل) رداً على هدم البيوت العربية في وادي الحمص بالقرب من القدس، بل وصل الأمر بعباس إلى تشكيل لجنة لهذا الغرض، وكانت النتائج صفرا. النتائج صفر بعد أن أعلن حسين الشيخ أن وقف العمل بالاتفاقيات هراء، وأن التعاون الأمني مع المخابرات الإسرائيلية مقدس، ولا سلطة فلسطينية دون تعاون أمني.
وليس أمام الشعب الفلسطيني إلا التحرك والعمل لإسقاط هذه القيادة التي لا تفكر إلا بمصالح البعض المنعزل عن الوطن، البعض الذي يكره فلسطين، ويعشق كل مغتصب لحقوق الفلسطينيين.