رغم صغر مساحة قطاع غزة التي تبلغ 360كم مربع، إلا أنه ينعم بالعديد من المعالم الأثرية والتاريخية والدينية أيضاً، من أبرزها سوق القيسارية أو ما يُعرف بسوق الذهب.
مكان صغير يحمل تاريخ عريق، تعود جذوره إلى ثلاثة آلاف سنة، شُيد بناؤه في العصر الروماني للعام الثالث والستين قبل الميلاد، وتم إعادة ترميمه في العصر المملوكي.
ممر ضيق، بناء قديم، اللون الأصفر يلمع من اليسار لليمين، محلات على شكل أقواس، يبلغ عددها قرابة 50 محلاً، لا يتجاوز مساحة الواحد منها الثلاثة أمتار.
جمال يونس وهو صاحب احدى المحال التجارية في سوق الذهب يقول، إن السوق من أكبر المعالم الأثرية والتاريخية في قطاع غزة.
وأشار يونس في حديثه مع "فلسطين"، إلى أنه بُني في عهد الملكة هيلانة، ولم يكن سوقاً في البداية بل كان اسطبل للخيول، حيث كان بجانب السوق كنيسة فكان يأتي الناس لأداء الصلاة ويضعون خيولهم في الاسطبل.
وأردف:" بعد مرور فترة من الزمن تحول الاسطبل إلى محلات لبيع الأحذية، ولكن لم يستمر وقتاً طويلاً على هذا الحال".
وأضاف أنه بعد عام 1970 أصبح هناك ثلاث محلات لبيع وشراء وصناعة الذهب، وشيئاُ فشيئاُ بدأت محلات بيع الأحذية تختفي إلى أن أصبحت كل المحلات للذهب فقط.
وتابع:" لقد ورثت المحل من أبي، حيث كان من أوائل أصحاب المحلات بالسوق، ورفضنا القيام بأي تعديلات على المحل، باستثناء إضافة بعض الدهانات حتى نحتفظ بشكله القديم وتاريخه الأثري العريق".
بمجرد دخولك احدى المحال التجارية القائمة في السوق، ومشاهدتك فن العمارة الفريد، ودقة التفاصيل الساحرة، تعرف أنك في مكان عريق ومهم.
عراقة وأصول تراها حين تأملك جدرانه القديمة والدكاكين المتلاصقة، والذهب المرتب بشكل جذاب.
ما أن تذهب هناك حتى تشتم الرائحة العتيقة الجميلة، المنبثقة من غرف صغيرة ملفوفة الشكل ومحملة بكل ما هو قديم و تاريخ لا يُنسي.
أما محمد الحداد وهو أيضاً صاحب محل لبيع الذهب في القيسارية أشاد بحديث سابقه، قائلاً: إن عمر السوق حتى الأن 200عام تقريباً.
وأضاف أن الزخارف المعمارية الموجودة في السوق، من أجمل الزخارف التي شيدت على مر العصور وهي من الحجر الكلسي وحجر الرخام الأبيض، ويعتبر أيضاً من المعالم القيمة في غزة.
وأردف:" أنه بالرغم من امتداد السوق الذي لا يتجاوز الخمسين متراً، و حجم محاله التجارية الصغير للغاية إلا أن مكانته الأثرية والتاريخية و ثمنه المرتفع يدلان على قيمته العظيمة والحقيقية".
اختلفت الأجيال، تطور الزمان، تعددت الأماكن الجميلة، رغم كل ذلك إلا أن القيسارية لها طابع خاص وجاذبية لم يكتسبها أي مكان قبلها ولا بعدها، و مازال اقبال المواطنين على هذا المكان يزداد مع مرور الوقت.