الأعداء يطلبون الشعب الفلسطيني أن ينسى كل شيء، والوطنيون يطلبون الشعب أن يشحذ الذاكرة، وألا ينسى ذكرى وعد بلفور، وذكرى مجزرة دير ياسين، وذكرى النكبة، وألا ينسى ذكرى هزيمة 67، وذكرى صبرا وشاتيلا، وذكرى انتفاضة الحجارة، وذكرى اتفاقية أوسلو، وانتفاضة الأقصى، وألا ينسى قرار المجلس المركزي مارس 2015، الذي طالب بوقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، وألا ينسى ذكرى 26/6/2019، حيث بدأنا اليوم نعد الشهر الثالث على قرار السيد محمود عباس وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل.
إنمن واجب كل فلسطيني أن يسأل القيادة الفلسطينية: ما الذي حدث لقراركم؟ وأين ذهبت التصريحات والاجتماعات واللجان التي تم تشكيلها؟ وهل كان الهدف من القرار امتصاص غضب الجماهير إثر هدم الإسرائيليين لمنازل الفلسطينيين في وادي الحمص قرب القدس؟
من حق الفلسطيني أن يتساءل، ومن حقه أن يجد جواباً، ولاسيما أننا نتحدث عن قضية كثرت من حولها التصريحات والتهديدات والتلويحات، ولم نر على الأرض أي متغيرات إلا لصالح المستوطنين، وأي مستجدات إلا لصالح الاحتلال.
الشعب الحي النابض بالكرامة يسأل، ويلح بالسؤال، ولا تنفطر أحشاؤه من الملاحقة والمتابعة، فالصمت من وجهة نظره خيانة للأمانة، وتفريط بالمقدسات، وتسهيل للاحتلال مهمة احتقار الإنسان الفلسطيني واغتصاب أرضه، الشعب العزيز الكريم يسأل عن مصير عشرات القرارات التي اتخذتها المؤسسات الفلسطينية، ولم ينفذ منها شيء، والشعبالحي لا ينتظر الجواب، بل يفعل، ويتحرك، ويتفجر غضباً وثورة وتمرداً، فالتمرد للشرفاء، والخنوع للضعفاء الأذلاء، والتسحيج ميزة الشعب الغبي البليد الجاهل مطموس المعالم، الذي يصمت عن حقه، وينتظر الرحمة من اليد التي قطعت رحمه، وهدمت أمانيه، ولا يعرف من تعاليم الوطن إلا نشيد التصفيق للقرار، والهتاف للشعار، ولا يطالب بالتطبيق، ويبخل على عرضه المدنس بالتعليق، هو غافل متغافل يرفض أن يفيق، وهذا الوصف لا ينطبق إلا على نسبة 16% من شعبنا، أولئك الذين أظهر آخر استطلاع للرأي أنهم يثقون بالسيد عباس، ويقولون بجدية قراره وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، بينما 82% من شعبنا الفلسطيني يقول عكس ذلك، وهؤلاء هم مخ الشعب وأنفاسه الطيبة.
وإذا كان من البلاهة السياسية أن يتوقع عاقل أي تغيير في مواقف القيادة الفلسطينية وسياستها، فإن من البلادة الوطنية أن تظل التنظيمات والقوى السياسية والشعبية عند موقفها من المناشدة والتوسل، والمطالبة برفع العقوبات عن غزة، وتطبيق الاتفاقيات الموقعة لإنهاء الانقسام ، ولاسيما بعد الإجماع الوطني على تحقيق المصالحة مع ضرورة التوافق على برنامج سياسي وطني، وعقد الإطار القيادي للمنظمة، ومن ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية، ترفع العقوبات عن غزة، وتنهي الحصار، وتشرع في ترتيب البيت الداخلي لانتخابات تشريعية ورئاسية معاً، وقد اتفق مع هذا الطرح 80% من شعبنا الفلسطيني الذي أيد إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في آن.
وكي نسمي الأشياء بمسمياتها، وبعيداً عن اللف والتدليس، فإن الرافضين لرؤية الفصائل لتحقيق المصالحة هم نتانياهو وبني غانتس، ورجالهم في المنطقة، وهذا ما يجب أن يلتفت إليه الوطنيون الفلسطينيون وهم يدركون أن الشرط الأول لتحقيق المصالحة يتمثل بوقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع (إسرائيل).
ملحوظة: في أمريكا، بدأت إجراءات عزل ترامب بتهمة الاتصال برئيس أجنبي! فماذا عن الشأن الفلسطيني وتواصل الاتصال والتنسيق والتعاون الأمني مع عدد من رؤساء الوزراء الأعداء؟