شاءت الأقدار أن تقع فلسطين تحت الاحتلال الإسرائيلي لضعف الأمة العربية، ولخذلان البعض من العرب وتآمر البعض الآخر على فلسطين ومشاركتهم في غرس الكيان الإسرائيلي غير الشرعي في قلب هذه الأمة.
الضعيف لم يبق على ضعفه والقوي ما عادت قواه تؤمن اغتصابه ولا تلبي أطماعه حتى وصلنا إلى ما نحن عليه؛ قوة مقاومة فلسطينية استطاعت الحاق الهزيمة بالعدو الإسرائيلي وتحقيق ما عجزت عن تحقيقه عدة جيوش عربية، مقاومة فرضت معادلات جديدة خضع لها جيش الاحتلال على مضض وما يزال يحاول كسرها، ولكن محاولاته ستبوء بالفشل حتى يتحقق وعد الله بتحرير فلسطين والقدس كما جاء في سورة الإسراء.
قوة المقاومة الفلسطينية هي قوة للأمة العربية، وكما أدت المقاومة اللبنانية دورها وأجبرت المحتل الإسرائيلي على الانسحاب من أراضٍ لبنانية احتلت أكثر من عشرين عامًا، فإن المقاومة الفلسطينية استطاعت دحر الاحتلال من قطاع غزة، والاحتلال حينما يعجز عن الاحتفاظ بغزة والاستقرار في الضفة الغربية فإنه لن يفكر بالتمدد إلى الدول العربية المجاورة، ولو ثبت الاحتلال نفسه في غزة والضفة وأصبحت المنطقة آمنة بالنسبة له لفكر بتوسيع حدوده ولكنه الآن لا يفكر إلا في جلب الأمن للمستوطنات في غلاف غزة، وكذلك البحث عن حل لصواريخ المقاومة وعمليات التسلل المتوقعة عبر الأنفاق، وبهذا يكون الأمن العربي قد تحقق بفعل قوة المقاومة الفلسطينية.
إذًا صمود المقاومة الفلسطينية وتطوير ذاتها ومنع المحتل الإسرائيلي من التمدد وإجباره على الانسحاب من مناطق فلسطينية أخرى هي الآلية التي تخدم به المقاومة الأمة العربية، وهذا لا يعني مطلقًا أن يتوجه السلاح الفلسطيني إلى أي طرف غير المحتل الإسرائيلي، ولا يعني أيضًا أن تكون المقاومة الفلسطينية وكيلًا لأي طرف في محاربة المحتل أو بندقية على كتفه يستخدمها متى يشاء، بل هي تدافع عن فلسطين وشعبها، وهي التي تقرر متى تواجه ومتى تلتزم بالتهدئة، ولذلك فقد قال قادة المقاومة وخاصة من كتائب عز الدين القسام، إن المقاومة ليست في جيب أحد، هي لن تكون كذلك حتى بالنسبة لمن يدعم الشعب الفلسطيني أو يدعم المقاومة، فالمقاومة وكذلك شعبنا يرفضون الأموال المسيسة، ويرفضون المساعدات المشروطة بشروط تخالف الثوابت الفلسطينية أو تحرف بوصلة المقاومة عن وجهتها الحقيقية.