لست أدري ما الذي يغضب قيادة حركة فتح من مؤتمر إسطنبول الذي يجمع فلسطينيي الغربة والشتات. المؤتمر سنوي ويعقد بشكل دوري منذ سنين. المؤتمر تحضره مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني في الشتات، إضافة إلى النخب والشخصيات الاعتبارية. عدد فلسطينيي الشتات يبلغ ستة ملايين نسمة ونيف، أي ٤٩٪ من عدد الفلسطينيين. من حق هؤلاء أن يجتمعوا في مؤتمر سنوي لدراسة قضاياهم، وقضية وطنهم، وآليات العمل في الغربة والشتات لخدمة القضية الفلسطينية.
المؤتمر يعقد هذه السنة في إسطنبول التركية، حيث رحبت الأخيرة بالمؤتمرين، ويحضر المؤتمر شخصيات اعتبارية غربية وشرقية ممن يتعاطفون مع القضية الفلسطينية. يناقش المؤتمرون مستقبل المفاوضات وحل الدولتين، والمصالحة الفلسطينية وآليات تحقيقها، ويناقش آليات عمل المؤسسات والمراكز والجمعيات الفلسطينية الداعمة لفلسطين في صراعها مع المحتل الغاصب، فهو مؤتمر الكل الفلسطيني، وليس مؤتمرا لحزب بعينه، أو لفصيل بعينه.
المؤسف أن فتح وعلى لسان أسامة القواسمي عضو المجلس الثوري لحركة فتح والمتحدث باسم فتح شكك في المؤتمر وقال: "إن انعقاد ما يسمى بمؤتمر فلسطينيي الخارج في إسطنبول في الخامس والعشرين من هذا الشهر، هو خدمة مجانية للاحتلال الإسرائيلي؟!!!!! ومحاولة فاشلة حتما لضرب منظمة التحرير الفلسطينية؟!!!!! وخطوة تدلل على استمرار حماس في تعزيز الانقسام وتوسيعه في الساحة الفلسطينية؟!!!!!".
ولست أدري كيف يجتمع أفاضل وشرفاء فلسطينيي الشتات في مؤتمر ثم تكون نهايته خدمة لدولة العدو كما يزعم القواسمي؟! وكأنه يجهل المؤتمر، والمؤتمرين، وأجندة المؤتمر، التي تناقش أفضل السبل لدعم القضية الفلسطينية، وحق العودة، وديمقراطية العمل الفلسطيني؟!.
ولست أدري كيف يكون المؤتمر ضربا وهدما لمنظمة التحرير، بينما المؤتمر لا يناقش موضوع الشرعية، ومن يمثل الشعب الفلسطيني، وليس في أجندته محاسبة المنظمة على فشلها، أو تفرد قيادتها واستبدادها بالقرار الفلسطيني حتى داخل فتح نفسها؟!
ولست أدري كيف سيعزز هذا المؤتمر الجامع الانقسام الفلسطيني، مع أنه ينعقد ليحث الأطراف المتخاصمة على المصالحة والشراكة؟!!
إن هناك فشلا في الرؤية، وعدم قدرة عند القواسمي وفتح على وضع الأمور في نصابها الصحيح، وليست لدى فتح مسئولية في توظيف هذه المؤتمرات لصالح القضية الفلسطينية، وكأن كل مؤتمر يعقد خارج إطار منظمة التحرير الفاشلة حرام ومدنس؟!!!!.
إن المؤتمر الحالي يوجه (إسرائيل) ويساعد على نزع شرعية الاحتلال، ولست أدري لماذا تقحم فتح نفسها في دائرة (إسرائيل) المنزعجة؟! لم ينتقد مؤتمر إسطنبول غير اثنين: الأول (إسرائيل) ، والثاني ممثل حركة فتح، وكأن فرعون بعث من جديد ليقول: "ما أريكم إلا ما أرى، وما أهديكم إلا سبيل الرشاد؟!" ، بينما هو من هو في الغي والضلال. إن من يعمل ضد المؤتمر بغير بينة تسوغ عمله هو من يلحقه العار في الدنيا والآخرة.