فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

"هند رجب" تحوَّل رحلة استجمام لضابط "إسرائيليّ" إلى مطاردة قانونيَّة بقبرص.. ما القصَّة؟

ترامب وإعادة رسم الجغرافيا السياسية للمشرق العربي

بخيام مهترئة.. النَّازحون في غزَّة يواجهون بردِّ الشِّتاء والمنخفض الجوِّيِّ

تقارير عبريَّة: هكذا هزمتنا فلسطين إعلاميًّا.. وأبو شمالة يعلِّق: الاعتراف نتاج للواقع الميدانيِّ بغزَّة

دبلوماسيّ سابق لـ "فلسطين أون لاين": استمرار الحرب على غزَّة يساهم في شلِّ قدرة الاحتلال

أوقعتْ 20 قتيلًا.. الداخليَّة بغزّة توضح تفاصيل حملةً ضد عصابات سرقة شاحنات المُساعدات

إنَّهم يألمون.. حزب اللَّه يكشف عن مصير ضبَّاط إسرائيليِّين توغَّلوا في لبنان (فيديو)

"ملحمةُ الطُّوفان".. القسّام تبث مشاهد لمخلفات جنود قتلى وبدلة ملطخة بالدماء في معارك شمال غزّة

تعذيب عبر "فتحة الزنزانة".. شهادات جديدة لأسرى من غزَّة يكشفون كيف تفنَّن الاحتلال في تعذيبهم

ضيف غير مرحَّب به بملاعب أوروبَّا.. هزائم رياضيَّة بأبعاد سياسيَّة لـ (إسرائيل)

​هل ينضب الحب حقًّا مع انقضاء الوقت؟

قيل "يكاد يكون من المستحيل أن تجد أي نشاط أو مبادرة إنسانية تبدأ بآمال عريضة وتوقعات، ثم تبوء بالفشل أكثر من الحب".

عندما تأتي سيرة الحب لا يدور في خلد الواحد منا إلا النظرات المحمومة، ونبضات القلب المتتالية المتعجلة غير الاعتيادية، ودفقات العاطفة اللذيذة الحارة داخل العروق، وقلة الرغبة في تناول الطعام، والسرحان، والسهاد... فهل الحب هو فعلًا كذلك؟، وهل هذه المشاعر شديدة التوهج التي تتدفق فجأة ومن دون إرادة الواحد منا وتنطلق مثل تيار عاتي يجرف كل ما يقف في طريقه، تبقى على حالها وتدوم؟، أتراها تقاوم الصدأ والتآكل وانطفاء الجذوة؟، أم أنها مجرد شغف عاصف تقضمه الألفة وتبتلعه ثم ينضب وينتهي أمره، ما يذكرنا بأنه قد مرَّ بقلوبنا يومًا النُدبة الظاهرة التي يتركها خلفه وقد تبهت ولكنها لا تنمحي أبدًا؟

وقبل أن أتعمق في عرض فكرتي دعونا نتَّفق على أن الحب شيء، والشغف شيء آخر.

في بدايات العلاقات العاطفية التي يغرق الواحد فيها حتى أذنيه، ويكاد اهتمامه ينحصر في الشخص الذي ينبض قلبه بحبه والهيام به، يرسم الذهن أجمل وأكمل صورة يمكنه أن يتصورها للشخص الآخر، صورة يوضح لنفسه فيها سمو أخلاق الآخر، وتميز سماته، ورقي عاداته، فيرى كل ما يتعلق به شيئًا يفوق الصورة الاعتيادية، ونجده يفكر بالطرف الآخر بحسب الصورة النموذجية الرائعة التي رسمها خياله، لا الصورة الحقيقية للشخص. وهو ما أستطيع تسميته شِرك المعتقدات الخطأ التي سرعان ما تسقط أقنعتها وينكشف زيفها، الأمر الذي يدفع صروح المثاليات إلى الانهيار واحدًا تلو الآخر، إلى أن تتحطم الصورة البرَّاقة بالكامل، لتبدأ مرحلة أخرى تتسم بالأسى والألم وضرورة مواجهة الواقع بمراراته.

ولننتبه أن الذي انهار فعليًّا عند أول منعطف ولم يستطع الصمود هو الشغف، هو العاطفة الجارفة المؤقتة التي تدفع القلب لأن ينبض بقوة والمشاعر لأن تفيض وتتدفق بتهور؛ لا الحب، الحب أسمى وأرقى من أن ينهار بهذه السهولة ويستسلم للدمار دون أن يقاوم بحدة ليحافظ على بقائه.

الحب يأتي مع الوقت، ويتوطد أمام رقي الآخر وتضحياته وإيثاره، والحب يتطلب ممارسة واعية عن قصد وإرادة، ويحتاج إلى التنمية والتطوير سعيًا وراء الأفضل؛ فكيف لك أن تحب شخصًا من دون أن تحب آماله وآلامه وطموحه وأحلامه ونقائصه وعيوبه وسلبياته مثلما تحب عطاءه وكل الإيجابيات فيه؟!

من تجاربي الكثيرة، وملاحظاتي للواقع من حولي أستطيع استخلاص نتيجة مفادها أن الشغف والبريق هما مجرد مشاعر جارفة عابرة تتوهج بسرعة وتخبو بالسرعة ذاتها التي بدأت بها، مثل عود الكبريت الذي ما إن يشتعل يتوهج بقوة وسرعة حتى ينطفئ دون أن تدرك تمامًا كيف ولماذا حدث ذلك، أما الحبُّ فجنين صغير ينمو ببطء، يقتات على العِشرة والود، ويمدُّ الشخص بالحياة التفاهم والاحترام والتضحية، لذا نراه يستطيع التمدد على مدى حياته، فيسبغها بالسكينة والهدوء ويمكِّنه من التقدم والتطور والإنتاج ويعينه على تحدي العقبات والتغلب على الصعاب.

وليحافظ الواحد منا على الحب غضًّا ينبض بالحياة، علينا أن نتعلم المهارات التي تديم بقاءه وتطيل عمره، مهارات العطاء دون مقابل، مهارات الإيثار، مهارات الاحترام والتقدير والتضحية... إضافة إلى كم كبير من الذكاء، ولا أقصد هنا ذكاء الأرقام والذكاء الأكاديمي، بل الذكاء الاجتماعي، والعاطفي، وذكاء المسافات الذي يمكِّن الآخر من التحرك بحرية من دون أن يشعر بأنك تحاصره وتقيد حريته، يقترب عندما يشعر أنه بحاجة لقربك، ويبتعد لبعض الوقت ليترك مجالًا لجذوة الحب لتزداد اضطرامًا داخله.