يضطر ناصر أبو شدق إلى إغلاق جميع نوافذ منزله المطل على مكب النفايات في مدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، حيث دأب على رش بيته برائحة معطرة وأخرى طاردة للحشرات، في محاولة لطرد الدخان الذي يقتحم بيته على الدوام.
ويعاني أبو شدق، ولفيف من سكان المنطقة المجاورة لمكب النفايات بشمال بيت لاهيا من انبعاث رائحة النفايات الكريهة، حيث يخشى وأفراد أسرته المكونة من 17 فردًا من الإصابة بالأمراض.
ويضطر أبو شدق، كما أخبر صحيفة "فلسطين" إلى مغادرة منزله أو الجلوس في فنائه الخلفي، لحين إطفاء المكب من قبل الجهات المعنية، لافتًا إلى أن المكب يتعرض للحرق مرة واحدة كل أسبوع بسبب ارتفاع درجات الحرارة أو بشكل متعمد من بعض الفتية.
وما يزيد الطين بله وفق أبو شدق، انقطاع التيار الكهربائي، خلال حرق المكب، ما يشعره أنه يقيم وأسرته في زنزانة ويلجأ إلى مغادرة المنزل والبحث على مكان آمن خشية أن يصابوا بمكروه.
ويشير إلى أن بلدية بيت لاهيا تعمل جاهدة لإنهاء الأزمة، لكن يصعب السيطرة على المشكلة بشكل فوري بسبب صعوبة وخطورة المنطقة، لافتًا إلى أن الحل الوحيد هو ترحيل النفايات بشكل يومي أو نقل المكب لشرق القطاع لحماية سكان المنطقة وتجنيبهم الإصابة بالخطر.
ولا يختلف الحال كثيرًا عن سهيل سعدة، الذي يسكن في أبراج العودة المطلة على مكب النفايات من الناحية الغربية، إذ يؤكد أن حرق المكب أصاب بعض السكان بأمراض في الجهاز التنفسي.
ويلفت سعدة، وهو رئيس لجنة حي أبراج العودة شمال القطاع، إلى أن نحو ألف نسمة يعيشون في تلك الأبراج السكنية يشتكون بشكل مستمر من انبعاث الروائح الكريهة بشكل يومي عدا عن القوارض والحشرات الضارة، وانبعاث الأدخنة الناجمة عن حرق المكب.
وبغضب يؤكد سعدة لصحيفة "فلسطين"، أن حرق النفايات والأدخنة المتصاعدة عنها دفع بعض الأسر إلى مغادرة المنطقة خشية من إصابتهم بأمراض خطيرة، مشيرًا إلى أن عملية إخماد الحريق عند اندلاعه قد تستمر لأيام.
وبين أن مكب النفايات المؤقت في مدينة بيت لاهيا، أصبح دائمًا، مرجعًا ذك لعدم قيام البلدية بترحيل النفايات إلى المكب الرئيسي في جحر الديك على الحدود الشرقية للقطاع، منذ نحو شهر.
ورغم تقدم سكان المنطقة بشكاوى للعديد من الجهات المختصة لإنهاء الأزمة، وفق سعدة، إلا أن الأزمة مستمرة وفي تفاقم، داعيًا كل الجهات المعنية والدول المانحة إلى إغلاق المكب وتوفير مشاريع لإنشاء مكب جديد خارج المنطقة.
مخاطر متعددة
من جانبه، حذر مدير دائرة الطب الوقائي في وزارة الصحة د. مجدي ضهير، من خطورة حرق مكبات النفايات لما لها من أضرار تصيب الإنسان عند التعرض لأدخنتها.
وقال ضهير لصحيفة "فلسطين": "إن حرق النفايات ينتج عنه مواد سامة أو مسرطنة تتسبب بضرر كبير للمواطنين وللبيئة، وتؤثر على الجهاز التنفسي والعصبي والبصري للإنسان، مؤكدًا كذلك خطورتها على الهواء والتربة والمياه الجوفية.
ومن أكثر الأشخاص عرضة للخطر، المرضى والأطفال وكبار السن، ومن يعانون من أمراض في الجهاز التنفسي، وفق ضهير، الذي بين أن الأدخنة الناجمة عن حرق النفايات تصيب الإنسان بأمراض متعددة يصعب علاجها في حال لم يتم اكتشافها في وقت مبكر، كما تؤثر على وظائف الكبد والكلى.
وشدد مدير دائرة الطب الوقائي، على ضرورة التخلص من النفايات الصلبة بطرق عملية ودون اللجوء لحرقها من قبل البعض لما لها من مخاطر عديدة على الانسان والبيئة والتربية.
مشاريع ترحيل
من جهته، أكد مدير مجلس إدارة النفايات الصلبة شمال قطاع غزة، وحيد البرش، أنه تم تخصيص قطعة أرض واعتمادها من مجلس الوزراء لترحيل النفايات من المكب المؤقت بمدينة بيت لاهيا إلى شرق المدينة.
وأشار البرش، لصحيفة "فلسطين" إلى الأزمات المالية التي تعاني منها البلدية، ما دفعها لتجميع النفايات بمكبها المؤقت لحين توفر مشروع لنقلها وترحيلها إلى المكب الرئيسي في جحر الديك.
وأرجع أسباب حرق مكب النفايات ببيت لاهيا، لارتفاع درجات الحرارة، أو عبث البعض في المكب وتعمده إشعال النار، مؤكدًا أن مجلس إدارة النفايات الصلبة يعمل إلى جانب بلديات القطاع من أجل التخلص من النفايات الصلبة بطرق سليمة.
ونوه إلى أن حرق مكبات النفايات يستنزف الموارد المالية للبلديات في ظل الأزمة المالية التي تعيشها.
وناشد البرش، جميع الجهات المعنية والجهات المانحة لتوفير الوقود لبلديات القطاع والوقوف إلى جانبها ليتم ترحيل النفايات بشكل مستمر وإنهاء معاناة المواطنين.