الاستيطان وهدم البيوت، والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى هذا ما جلبته أوسلو للقدس، حيث أنّ موافقة السلطة الفلسطينية على تأجيل التفاوض بشأنها واعتبارها ضمن قضايا الوضع النهائي، دفع (إسرائيل) لاستغلال هذا الاتفاق وتنفيذ مخططاتها وإحكام سيطرتها على المسجد الأقصى والقدس.
وحسب الاتفاقية قسمت المناطق الفلسطينية التي احتلت عام 1967 إداريا وأمنيا إلى "أ" و"ب" و"ج"، لكن القدس لم تدخل في تلك المعادلة، حيث تم تأجيلها هي و قضايا الحدود واللاجئين والاستيطان إلى مفاوضات الحل النهائي.
ويرى مختصون أن السلطة ارتكبت خطأً حينما وافقت على تأجيل البت بمدينة القدس ووصفوه أنه أحل كارثة وويلات على القدس.
أخطر من بلفور
المختص بشؤون القدس فخري أبو دياب، قال: إنّ "مروجي اتفاقية أوسلو في البداية حاولوا إقناعنا بأنّهاستكون لنا ضوءًا في نهاية المطاف وستحقق لنا السلام وستحسن ظروفنا، لكن سرعان ما اكتشفنا غش هذه الاتفاقية، حيث ما كانت إلا ضوء الجرافة التي اعتلاها المستوطنين لهدم آلاف منازل المواطنين وإخراجهم منها".
وأوضحأبو دياب لصحيفة "فلسطين"، أنّ أكبرمشاريع التهويد والبطش بدأت بعد اتفاقية أوسلو، معتبراً أنّهاأسوأ وأخطر من وعد بلفور فهي كانت امتداد للنكبات وترسيخللاحتلال حيث سيطرت إسرائيل بعد الاتفاقية على القدس بشكل كبير جدا.
وأضاف: "قبل الاتفاقية لم نكن نسمع عن أية اقتحامات للمسجد الأقصى، وكان هناك سهولة في زيارة الفلسطينيين لبعضهم البعض من كافة المدن الفلسطينية، وبالرغم من جود فكرة صهيونية حول تهويد القدس وإقامة الهيكل المزعوم، إلا أنّها لم تُطبق على أرض الواقع إلا بعد هذه الاتفاقية".
وحول الانتهاكات التي ارتكبها الاحتلال بعد الاتفاقية، بين أنّ عدد المستوطنات والمستوطنين بالقدس تضاعف بشكل كبير حيث وصل عددهم حوالي أكثر من 280الف مستوطن وأكثر من 21 بؤرة استيطانية ضخمة وبالإضافة إلى البؤر الصغيرة.
وأشار إلى أن عدداً كبيراً من الفلسطينيين أصبحوا بعد الاتفاقية لا يستطيعون الوصول للقدس بسبب الحواجز وجدار الفصل العنصري الذي أقامه الاحتلال لعزلهم عنها، لافتاً إلى موافقة السلطة على التفاوضعلى القدس بعد فترة من توقيع الاتفاقية، أعطى الاحتلال فرصة لتهويدهابشكل كبير.
800 ألف مستوطن
بدوره، اعتبر المختص بشؤون القدس جمال عمرو، أنّ اتفاقية أوسلو أحلت كارثة ونكبة على الشعب الفلسطيني، حيث تمكن الاحتلال من خلال عبقريته التفاوضية قيادة المفاوض الفلسطيني إلى الهاوية، والسيطرة على كامل مدينة القدس وعلى 60%من مناطق (ج) بالضفة الغربية.
وأشار عمرو إلى أنّ الاتفاقية أعطت الاحتلال الجرأة في السيطرة على القدس، وأصبح المقاوم مستهدفاً من أجهزة السلطة والاحتلال معاً.
وقال إنّ المقدسين أصبحوا بعد أوسلو بلا هوية فلسطينية يتم معاملتهم كالمقيم وليس كالمواطن الذي يعيش على أرضه وبإمكان (إسرائيل) أنّ تلغي إقامته بالقدس بأي وقت، وكذلك تضاعف الاستيطان والضرائب والقبضة الأمنية للاحتلال على مدينة القدس.
وبيّن أن السلطة لا تستطيعالتدخل في شؤون القدس، محملاً إياها المسؤولية الكاملة باعتبارها الطرف الموقع على "أوسلو".
وأضاف "لو لم تكن أوسلو لكان الوضع أفضل بالقدس ولبقي الشعب الفلسطيني في مقاومة دائمة، من خلال شعلة الانتفاضات التي كانت ستشعل واحد واحدة تلو الأخرى، وكذلك لما استطاع الاحتلال السيطرة على القدس وتدنيس مقدساته".
وذكر أنّ المسجد الأقصى شهد بعد الاتفاقية 3200اعتداء، ومن ضمنها مجازر ارتكبها الاحتلالبحقه، وبلغ عدد المستوطنات بأحجامها المختلفة حوالي 28 بؤرة استيطانية، لافتاً إلىأنّ عدد المستوطنين وصل إلى 800 ألف مستوطن وهي أغلبية ساحقة، بينما بلغ عدد المقدسيين حوالي 34% .
وأوضح أنّ الاحتلال يسعى من خلال خطة هيكلية وضعها إلى أنّ يكون عدد المقدسين في المستقبل 12%على مساحة من الأرض تبلغ فقط 11%
ودعا عمرو في ختام حديثه إلى ضرورة إنشاء مشروع إنقاذ وطني شامل لمدينة القدس يتضمن 3خطط، أولها خطة عاجلة ثم متوسطة المدى لإعدادها، وأخيرا خطة استراتيجية لتحرير القدس.