قال أحد المحسوبين على حركة المقاومة الإسلامية حماس: "من الدروس التي تعلمتها خلال عملي بالحكومة أن هناك أشياء كثيرة كان من الواجب علينا كإسلاميين تعلمها قبل أن نلج مشهد الحكم والسياسة"، ولكنه لم يذكر ما الذي كان يجب تعلمه ومتى ولماذا تأتي النصائح من بعضهم حين يخرجون من المشهد السياسي.
في إحدى الدردشات دار حديث بيني وبين مجموعة من الأشخاص حول المعايير التي يجب توافرها في المرشح للمجلس التشريعي، لأكتشف في النهاية أنهم يريدون مواصفات قد لا تتوافر في أي شخص، ولكنني اختصرت الحديث بالقول: دعونا ننظر إلى النواب الحاليين والسابقين سواء في فلسطين أو في أي بلد عربي آخر، حيث إن المواصفات التي تطلبون قلَّما تنطبق على أي نائب. المقصود أن المثاليات والنظريات تختلف كليًّا عن الواقع. وعلى هذا الأساس نعود إلى مقولة صاحبنا، ما الذي نجحت فيه الحكومات السابقة وفشلت فيه حكومة محسوبة على حركة حماس؟ أين إبداع الحكومات السابقة وما هي إخفاقات حماس؟ ما الذي لم تتعلمه كوادر الحركة قبل الولوج إلى مشهد الحكم والسياسة؟
عندما كلف السيد إسماعيل هنية بتشكيل الحكومة توجه إلى باقي الفصائل للمشاركة فيها، ولكن فصائل منظمة التحرير رفضت، وهذا يعني أن الحركة كانت مضطرة لتشكيل حكومة غير فصائلية رغم أنها ضمت مستقلين، أي أن حماس لم تكن تسعى للولوج إلى الحكم منفردة، تمامًا كما حصل في دولة مجاورة حيث لم تكن الجماعة تسعى إلى الحكم ولكنها اضطرت إلى ذلك بعدما رفضت الأحزاب الأخرى الاتفاق معها على برنامج وفاقي يناسب جميع الأطراف، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن التيار الإسلامي المعتدل -مثل الإخوان وحماس- لا يسعى إلى التفرد بالحكم ولكنه يسعى إلى إقامة حكم رشيد سواء شارك فيه أم لم يشارك.
إذا كنا منصفين ومنطقيين لا يمكننا الادعاء بأن الإسلاميين أخذوا فرصتهم في الحكم في أي بلد عربي وخاصة في فلسطين، لا يمكن حصار الإسلاميين وتعطيل عملهم ثم اتهامهم بالفشل من قبل خصومهم، أما وقوع شخصيات إسلامية في ذات المطب فهذه الكارثة بعينها، حيث يصبح هؤلاء شهود زور على تنظيماتهم وحركاتهم، وبقاؤهم داخلها خط قاتل.