فلسطين أون لاين

"الوجه الآخر لقبول التسوية".. ما حقيقة دوافع موافقة نتنياهو على الاتِّفاق مع لبنان؟ محلِّلون "إسرائيليُّون" يجيبون

...
11-1727936519.webp
غزة/ فلسطين أون لاين

توالت ردود الفعل داخل "إسرائيل" مع إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، أنه مستعد لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار مع حزب الله اللبناني.

وعن الموقف السياسي، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد تعليقا على إعلان نتنياهو “هذا ليس انتصارا سياسيا، فحكومة اليمين أُجبرت على اتفاق مع حزب الله بعد تدمير حياة السكان في الشمال وتآكل قوة الجيش”.

وأضاف في كلمة له “الحكومة انجرت إلى وقف إطلاق النار وفشلت في تحويل انتصارات عسكرية إلى إنجازات سياسية”، مشيرا إلى أن أي اتفاق مع حزب الله “لن يمحو العار” ويجب “إبرام صفقة لإعادة المختطفين وجميع المواطنين إلى منازلهم”.

فيما قال رئيس حزب العمل الإسرائيلي اللواء المتقاعد يائير غولان، إنه طالما من الممكن إنهاء القتال في الشمال ضد حزب الله، فمن المؤكد أنه كان من الممكن إنهاء القتال في غزة وإعادة الأسرى إلى ديارهم.

وأضاف تعليقا على إعلان نتنياهو “101 رهينة ينتظروننا لإنقاذهم، لكن هذه الحكومة ترسل جنودا إلى الحرب لإنقاذ نفسها. نتنياهو، اخلع عنك شارة التضامن مع المختطفين فورا”، في إشارة إلى الأسرى الإسرائيليين لدى حركة حماس في قطاع غزة.

ما دوافع نتنياهو؟

برأي المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" آموس هرئيل، فإن اتفاق وقف إطلاق النار بمثابة إنجاز جزئي لإسرائيل للمطالبة بالمضي قدما نحو إعادة جميع المحتجزين لدى حركة حماس. ويقول بوجوب وضع تطورات الأمور في سياقها الصحيح، فحتى بعد دخول الاتفاق في لبنان حيز التنفيذ، لم تتمكن "إسرائيل" من هزيمة حزب الله رغم الضربات التي تلقاها.

ويعتقد هرئيل أن وقف إطلاق النار على الجبهة الشمالية مع لبنان يضع "إسرائيل" أمام تحديات جديدة، وأن الامتحان الحقيقي هو اختبار تطبيق الاتفاق على أرض الواقع ومدى قدرة جيش الاحتلال على فرض واقع طويل الأمد دون تهديدات أمنية على المستوطنات الإسرائيلية في الشمال.

ورجح أن حزب الله سيحاول التعافي والتسلح واستعادة قدراته، و"بالتالي في وقت ما، هذا العام أو بعد عقد من الزمان، سوف ينهار هذا الاتفاق وستندلع جولة أخرى من القتال".

وحسب هرئيل، كان لبنان وما زال إلى حد كبير جبهة ثانوية في الحرب التي بدأت بالهجوم المفاجئ الذي شنته حماس على "غلاف غزة" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، قائلا إن إسرائيل عادت مجددا لتصطدم بالجبهة التي ما زالت مشتعلة مع الفلسطينيين في القطاع.

القراءة ذاتها استعرضتها الكاتبة الإسرائيلية سيما كدمون في مقالها بصحيفة "يديعوت أحرونوت" بعنوان "لم يجب نتنياهو على السؤال الأكثر إيلاما وأهمية: ماذا عن غزة؟"، في إشارة منها أن وقف إطلاق النار مع حزب الله يبقى ثانويا، وتؤكد أن إسرائيل مطالبة بالتوصل إلى هدنة مع القطاع.

وتساءلت "لماذا لا يفعل نتنياهو في غزة ما يقوم به في لبنان؟ ولماذا يمكن العودة إلى لبنان إذا طلب ذلك، ولا يمكن وقف الحرب في غزة من أجل إعادة 101 محتجز الذين يتناقص عددهم؟". وأضافت: "هو لا يريد وقف إطلاق النار على الجبهة الجنوبية".

وحسب كدمون، لا يريد نتنياهو هدنة مع غزة لأنه يخشى كل النتائج المحتملة ومن ضمنها انهيار الائتلاف الحكومي وخسارة قاعدته في معسكر اليمين، وفقدان السلطة عشية استئناف محاكمته بملفات فساد. وتقول "نتنياهو تخلى عن المحتجزين وهو يسوق للنصر المزعوم على حزب الله".

وبشأن وعوده في خطابه المتلفز خلال الترويج لاتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان بأنه سيعيد المحتجزين ويحقق النصر على حماس، قالت كدمون: "لم ولن يحدث ذلك. معظم الجمهور الإسرائيلي ليس لديه ثقة في نتنياهو"، وترى أنه لا يوافق على الاتفاق من أجل مصلحة إدارة بايدن، بل لأنه يعرف بالضبط ما تتوقعه منه الإدارة المقبلة، وأن ترامب يريد إنهاء الحرب مع لبنان قبل أن يستقر في البيت الأبيض.

وترجح الكاتبة الإسرائيلية أن ترامب لا يهمه حقًا أن يبدأ هذا الإنجاز مع نهاية فترة بايدن، موضحة: "أمامه 4 سنوات كاملة، وحتى لو بدأ إنجاز الاتفاق مع لبنان قبل نحو شهر من تتويجه، فهو مستعد لقبول هذه الهدية بأثر رجعي".

الطرح نفسه تبناه دانيال فريدمان المحاضر في كلية الحقوق في جامعة تل أبيب، ووجه انتقادات شديدة اللهجة إلى نتنياهو واتهمه بأنه يقوم بتسويق الوهم للمجتمع الإسرائيلي من خلال الترويج لإنجازات وهمية في الحرب، وعبر اتفاقية وقف إطلاق النار مع حزب الله.

وتحت عنوان "نتنياهو يبدع في خلق الأوهام.. لكن الواقع مختلف تماما"، كتب فريدمان، الذي شغل في السابق منصب وزير القضاء في الحكومة الإسرائيلية الـ31، مقالا في صحيفة "معاريف"، قائلا إن "نتنياهو يبرع في وصف واقع غير موجود وفي تقديم وعود لا يمكن الوفاء بها".

لكن الواقع من وجهة نظر فريدمان هو أن إسرائيل لا تملك القوة العسكرية والسياسية للقضاء على حزب الله، ومن الأفضل قول الحقيقة بدلا من نشر الأوهام الكاذبة. ولن يكون هناك نصر مطلق على الجبهة الجنوبية مع غزة أيضا.

ويعتقد أن مثل هذا النصر الذي يروج له نتنياهو يعني استبدال حكم حماس بآخر تمليه "إسرائيل"، "لكن في هذه الأثناء، تواصل حماس حكمها المدني وتستمر في توزيع المساعدات الإنسانية".

أزمة سلاح وعتاد.. الوجه الآخر لقبول "إسرائيل" تسوية بلبنان

وبشأن الإطاحة بحكم حماس، أكد فريدمان أن إسرائيل تعرضت لفشل كامل. و"ضاع عام كامل من الحرب القاسية دون تسوية، وليس من الواضح ما إذا كان من الممكن إصلاح ذلك باليوم التالي للحرب".

فيما ذهبت صحيفة "معاريف" بعيدًا بالكشف عن تفاصيل جديدة عن أزمة نقص الأسلحة والذخائر التي يعاني منها الجيش الإسرائيلي بسبب الحرب المستمرة منذ 14 شهرا على قطاع غزة ولبنان.

وسلط تقريران منفصلان للمراسل العسكري للصحيفة آفي أشكنازي الضوء على تآكل مخزونات جيش الاحتلال من الطائرات المقاتلة والدبابات الحديثة من طراز ميركافا 4 وناقلات الجند بسبب الحرب، بعد أن تم تدمير أو تعطيل جزء مهم منها بسبب صواريخ المقاومة، مما يستدعي تجديد مخزوناتها وحاجة متزايدة لقطع غيار.

وذكّر المراسل بإعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن العامل الثاني في اتخاذ قرار وقف إطلاق النار في لبنان هو "الحاجة إلى تجديد مخزونات الأسلحة".

ونقل عن مصدر أمني قوله إن "التحدي الأكبر الذي تواجهه إسرائيل في اليوم التالي لوقف إطلاق النار ليس في لبنان بل بأميركا وألمانيا. حيث تحتاج تل أبيب استخدام قدرات جيش الدفاع في شراء كميات كبيرة من أنظمة الأسلحة والمقاتلات والمروحيات والدبابات والصواريخ وأنواع مختلفة من الذخائر".