قلل محللان سياسيان، من جدوى مهاجمة حركة فتح وإعلامها لتصريحات الأمين العام لحركة الجهاد الاسلامي د.رمضان شلح، والتي قال فيها: إن الشعب الفلسطيني بكل مكوناته لن يظل أسيراً لخيار السلطة ومسارها الذي جلب الكوارث.
وقالا لصحيفة "فلسطين": إن السلوك الحالي للسلطة ومن خلفها حركة فتح باعتبارها العمود الفقري للسلطة، لا يكاد يخرج توصيفه عما ورد في حديث القيادي شلح، معتبرين أن هذه الحملة تعني أن المسار السياسي للسلطة وفتح لا يحظى حتى برضا القاعدة الفتحاوية فضلا عن باقي الفصائل الفلسطينية.
وكان شلح أشار في كلمته خلال مؤتمر دعم الانتفاضة الذي أقيم في العاصمة الايرانية طهران، الثلاثاء الماضي، الى أن الانتفاضة محاصرة ليس من (إسرائيل) فقط، بل من السلطة الفلسطينية التي مهمتها منع أي مقاومة للاحتلال.
واتهم شلح السلطة بأنها "تمارس التنسيق الأمني مع الاحتلال على أعلى المستويات، وتعمل على منع العمليات ضد الاحتلال ومستوطنيه، باعتراف قيادات السلطة بذلك بشكل علني"، مؤكدا أنه يربط بين الاستيطان وما أسماه "الدور الأمني" الذي تقدمه السلطة في ملاحقة المقاومة، وقال: "هذا الدور لا يتماشى مع ما تطرحه السلطة من شعارات ضد الاستيطان".
وأدت هذه التصريحات إلى هجوم إعلامي عنيف من قبل إعلام السلطة وحركة فتح، حيث ردت الأخيرة على تصريحات شلّح في بيان رسمي قالت فيه: إنه "كان الأجدر بشلّح أن لا يرهن نفسه لأي جهة غير فلسطينية، خصوصاً أن المؤامرة الإقليمية تسير على قدم وساق، ما يساهم في إبقاء الانقسام ويحول دون إقامة دولة مستقلة" على حد زعم البيان.
من ناحيته، قال الخبير السياسي د.عبد الستار قاسم: إن رد حركة فتح على مضمون كلمة شلح كان خاويا وخاليا من المضمون، معتبرا أنه يعد هروبا من الإجابة عن المضمون المهم لكلمة القيادي شلح.
وأضاف قاسم: "الرد فقط هاجم شلح بأنه مرتهن لقوى خارجية لكنه لم يكذّب شلح ولم يفند صدقية ما ورد فيها، وهو محض هروب من الحقيقة عبر كيل الاتهامات التي تعبر عن ضعف وإقرار بصدقية ما ورد في الكلمة".
وعبر عن اعتقاده أن شلح لم يكن معنيا خلال كلمته بالخلافات والمناكفات الجارية على الساحة الفلسطينية، لكنه كان معنيا الى حد كبير بإبراز الحقيقة التي عبرت بدقة عن واقع السلطة الفلسطينية وطبيعة دورها.
وأوضح أن كان الأحرى بفتح أن تشن هجوما على من يشوه تاريخها النضالي عبر اصراره على استمرار التنسيق الأمني مع الاحتلال، وألحق الأذى بكل مكونات الشعب الفلسطيني المقاومة ومن بينها عناصر كتائب شهداء الاقصى.
ولفت الى أن السلطة وفتح هاجمتا شلح من خلال عبارات عاطفية وشعارات براقة، دون ان يدلي ولو بمعلومة واحدة حقيقية، معتبرا أن هذا الاسلوب من الهجوم لا يمكن ان يقنع طفلا فلسطينيا فضلا عن أن يكون مقنعا لباقي مكونات الشعب الفلسطيني.
وحول امكانية ان يساهم هذا التلاسن في توسيع هوة الانقسام على الساحة الفلسطينية، بيَّن قاسم أن الانقسام يضرب المجتمع الفلسطيني أفقيا من خلال خلافات الفصائل مع بعضها البعض، ورأسيا من خلال الخلافات داخل الفصيل الواحد كما يحدث حاليا داخل حركة فتح.
وعبر عن اعتقاده ان حركة الجهاد لن تنجر الى اتون الخلافات الاعلامية، لافتا الى أن الاخيرة ليست معنية بتصاعد الخلاف مع حركة فتح في الوقت الحالي كي لا تزيد القضية الفلسطينية ضعفا وتشتتا.
من جهته، ذكر المحلل السياسي خالد عمايرة، أن إظهار حقيقة أن السلطة تعمل في غير الاجندة الوطنية هو أمر ليس بالجديد على الساحة الفلسطينية، مشيرا الى أن الشعب الفلسطيني والفصائل بل وحتى حركة فتح في قرارة نفسها لا يمكن ان تنكر ذلك.
وأوضح عمايرة، أن حديث السلطة الدائم حول حرصها على المصالح الفلسطينية عبر إبقاء الوضع الاقتصادي جيدا من خلال تسيير الخدمات وصرف الرواتب وغيرها هو حديث تبريري لا يمكن تسويقه سياسيا.
ولفت الى أن الاساس الذي قامت من أجله الثورة الفلسطينية لم يعد موجودا لدى اجندة السلطة، منوها الى أن منظمة التحرير أصبحت تابعا للسلطة وتأخذ مخصصاتها المالية منها بعكس الوضع الذي من المفترض أن يكون وهو تبعية السلطة للمنظمة.
وعبر عن اعتقاده ان هجوم اعلام السلطة وفتح على شلح مرده اختلاف الرؤية حول السلوك السياسي، برغم أن الجهاد حتى وقت قريب كانت تملك علاقات جيدة على كافة المستويات مع فتح.
وأشار إلى أن توتر العلاقة بين السلطة وبعض الأطراف الاقليمية ومنها ايران، قد ساهم الى حد كبير في تشكيل الرد الفتحاوي على موقف شلح ومهاجمته، منوها الى أن توابع هذا الخلاف مع الجهاد قد لا تندمل في الوقت القريب.
وشدد على أن الوضع الحالي للسلطة واستمرارها في التنسيق الامني مع الاحتلال، لم يبق لها ماء وجه يمكن ان تواجه به الشعب الفلسطيني، مؤكدا أن فتح كتنظيم انطلق من اجل تحرير فلسطين قد ذاب بشكل كبير في مقتضيات التنازل التي تجلل السلطة الفلسطينية.
واعتبر عمايرة ان الفرصة لا تزال قائمة أما حركة فتح من أجل تصويب مسارها واعادة الاعتبار للمبدأ الذي انطلقت من أجله، عبر اعادة الاعتبار للمقاومة بكل أشكالها والانفتاح أكثر في علاقاتها على الفصائل الفلسطينية من أجل تشكيل جبهة موحدة للوقوف في وجه الاحتلال خلال المراحل القادمة.