١٣ أيلول ٢٠١٩م يوافق الذكرى رقم (٢٧) لاتفاقية أوسلو. الاتفاقية جرت في قناة سرية من خلف ظهر الشعب الفلسطيني والعربي. الاتفاقية عرفت عربيا بالصلح المنفرد. رجال الاتفاقية عرفات وعباس وغيرهما زعموا أن الاتفاقية خطوة ضرورية على طريق الدولة والاستقلال. كانت انتفاضة الحجارة وهي أهم انتفاضة شعبية عرفتها فلسطين الحديثة تشق طريقها داخليا وخارجيا، نحو هدف إخراج الاحتلال من غزة والضفة.
الانتفاضة كانت في أوجها، وكانت ناجحة، وكان الاحتلال يدفع ثمنا عاليا لوجوده في غزة والضفة. اتفاقية أوسلو أجهضت الانتفاضة، وخلّصت الاحتلال من كلفة الوجود، تماما كما أجهضت الدول العربية انتفاضة الشعب الفلسطيني في عام ١٩٣٦م.
مع توقيع الاتفاقية في حديقة البيت الأبيض، ومع دخول رجال عرفات لغزة، لفظت الانتفاضة أنفاسها الأخيرة، واعتقلت السلطة رجال المقاومة وحماس في عام ١٩٩٦م على نطاق واسع. وفي هذه الفترة انقسم الشعب الفلسطيني قسمين كبيرين: الأول مع أوسلو والسلطة، ويضم فتح والمنتفعين من السلطة. والآخر يضم حماس والفصائل المقاومة والرافضين لأوسلو، وظل الانقسام قائما على أشده حتى تاريخه. ومن المزاعم الباطلة قولهم إن الانقسام كان في حزيران ٢٠٠٧م. ما حدث في ٢٠٠٧ م كان امتدادا مؤسفا لمخرجات أوسلو.
زعمت أوسلو أن الاحتلال سيخرج بالمفاوضات، وأن الدولة قادمة بالمفاوضات، وأن المقاومة أعمال عبثية، ومرت الآن (٢٧) عاما و لم يخرج الاحتلال، ولم تقم دولة فلسطين، والآن يعلن نتنياهو في حملته الانتخابية عن نيته ضم الأغوار والمستوطنات إلى دولة (إسرائيل)، وبات حلّ الدولتين سرابا يحسبه عباس ماء، حتى إذا جاءه لم يجده شيئا، ووجد عنده الحقيقة بلا رتوش؟!
لماذا لم تحتفل السلطة بالذكرى ، ولماذا لم يحتفل الشعب الفلسطيني بالذكرى السابعة والعشرين؟! الجواب معروف معلوم، وهل تحتفل الشعوب بالهزائم، أو بالنقائص؟! ماذا في أوسلو من الوطنية المنتجة حتى يحتفل به الشعب؟! الشعب يرى أوسلو أشد وطأة على حقوقه من الاحتلال نفسه، لأنه شرّع الاحتلال، وجعل الأرض موضع نزاع، وقسّم الشعب، وأهان المقاومة، وجرّم رجالها، وأفسد الساحات الدولية أمام المقاومين. لم ينتفع الشعب بالسلطة، وانتفع بها وبامتيازاتها فقط رجال منها تاجروا بها بأسلوب رخيص. وهم ما زالوا يكابرون، مع أن رئيس السلطة هدد بإنهاء الاتفاقيات إذا ما ضم نتنياهو الأغوار؟! ( يتبع)