فلسطين أون لاين

رجال المقاومة والمسؤولية عن تدمير غزة

...
رجال المقاومة والمسؤولية عن تدمير غزة
د. فايز أبو شمالة

نلجأ إلى التاريخ الحديث، كي نستفيد من التجربة، وكي نتعرف على واقعنا الذي نعيشه في الوقت الراهن، ولاسيما في المراحل الصعبة من حياة الشعوب، حيث تسري الغيبة والنميمة والشك والظن السيء، وتنعدم الثقة، وتكثر الشائعات.

وضمن واقعنا الفلسطيني الصعب في قطاع غزة، ومن خلال وجع الجوع والحصار والقصف والدمار، يخرج علينا من يتهم معركة طوفان الأقصى بأنها السبب في كل ما لحق بغزة وأهلها من تدمير وتهجير، وفي هذا الاتهام تبرئة للذئب من دم الضحية، وجهالة بتاريخ العدو الإسرائيلي الذي يواصل ذبحنا وتجويعنا والتآمر علينا وتهجيرنا من بلادنا منذ مئة سنة وأكثر.

ضمن هذا المشهد الفلسطيني المتداخل في قطاع غزة بين الإحباط والأمل، وبين الثقة والشك، وبين الرضا والغضب، وبين الخوف والتوكل، سأسرد عليكم ما حدث معي قبل عشرين سنة، كشاهد ودليل على أن الفلسطينيين هدف لإطلاق النار الإسرائيلي إن قاتلوا، وإن استسلموا. 

ففي مثل هذا اليوم 30/ كانون أول ديسمبر 2004 ـ قبل معركة طوفان الأقصى بعشرين سنة ـ اقتحمت الدبابات الإسرائيلية ليلاً منطقة غرب حي الأمل في خان يونس، وسيطر الجنود الصهاينة على الطابق العلوي في بيتي، واتخذوه موقعاً عسكرياً، وراحوا يطلقون من خلاله النار على المواطنين الفلسطينيين في حي الأمل، قتلوا في ذلك الزمن من قتلوا، وجرحوا من جرحوا.

في تلك الليلة، أمرنا الجنود الصهاينة بأن نقيم ـ أنا وعدد 12 من أفراد أسرتي ـ في غرفة واحدة أسفل البيت، الغرفة خلت من كل مقومات الحياة، ووضع الضابط الإسرائيلي بيننا ـ في وسط الغرفة ـ كلباً متوحشاً وجنديين إسرائيليين للحراسة، لنبيت في تلك الليلة معتقلين داخل بيتنا.

بعد أربعة أيام بلياليها من المبيت تحت مراقبة الجنود، أربعة أيام بلياليها من العذاب، وعدم التحرك في المكان، ودون القدرة على ممارسة حقنا في تناول الطعام، وحقنا في الذهاب إلى الحمام دون استئذان، وحقنا في تبادل الحديث فيما بيننا، وبعد أن عشنا كعائلة مدنية أربعة أيام من الاعتقال الموجع، طلب منا الضابط الإسرائيلي أن نترك له بيتنا، وأن ننزح عنه ليلاً، وأن نتوجه إلى أقاربنا في حي الأمل! وذلك ما حصل.

بعد عشرين سنة، عاد أولاد الجنود والضباط الذين احتلوا بيتي سنة 2004، عادوا ليحتلوا خان يونس ثانية، ويدخلوا بيتي من جديد، ويدمروه بالكامل سنة 2024

أذكر قصتي الشخصية هذه لتذكير بعض أهلنا في قطاع غزة، الذين يحمّلون حركة حماس المسؤولية عما لحق بأهل غزة من قصف إسرائيلي ودمار وحصار وموت.

وأقول لهم: العدو الإسرائيلي يستهدفنا نحن العرب الفلسطينيين بالموت والتدمير قبل معركة طوفان الأقصى، ويستهدفنا خلال معركة طوفان الأقصى، ولن يتوقف عن استهدافنا وقتلنا، حتى بعد معركة طوفان الأقصى، وسواء شاركنا في المقاومة، أو لم نشارك، وسواء رفعنا الكوفية عنواناً للصمود، أو رفعنا الراية البيضاء عنواناً للهزيمة والاستسلام، فنحن الشعب العربي الفلسطيني أهدافاً مشروعة للقتل والتجويع والتشريد، وفق العقيدة الصهيونية.

ملحوظة: لمزيد من التفاصيل عن تلك التجربة، يمكن قراءة مقالي المنشور تحت عنوان "النمر الإسرائيلي في قفص الفلسطينيين".