نعلم أن الخيال يفتح مدارك الطفل وينميها، فهو يساعده على الوصول إلى أعلى الملكات الفكرية والعاطفية والاجتماعية، فالخيال عامل ضروري لتنمية العديد من مهارات التعلم الكامنة في الأطفال، فأثبتت دراسة أن اللعب التخيلي "الإيهامي" للأهل مع أطفالهم يساعدهم على تحسين معدلهم الدراسي.
ويعرف اللعب التخيُلي بأنه سلوك عالمي متمثل في استخدام الطفل خياله الواسع للتظاهر بأنه شخصية أخرى، أو بجعل الخيال حقيقة، أو تصوره شيئًا ما على أنه شيء آخر مع إدراكه البيئة الحقيقية، ويسمح للطفل باكتشاف أفكار جديدة ورؤية الحياة من منظور مختلف، ومثال على ذلك تخيل الطفل أنه طبيب أو مدرس أو شرطي، أو تخيل الطفل أن الموزة هي هاتف نقال ويتحدث به.
الاختصاصية النفسية تحرير أبو شرار قالت: "إن اللعب التخيلي يبدأ مع الطفل في العام الثاني من عمره"، مستندة بذلك إلى دراسات علماء أثبتت أن اللعب التخيلي يبدأ من الشهر الثامن عشر من عمر الطفل ويتلاشى في سن السادسة.
وذكرت أبو شرار لـ"فلسطين" أن علماء النفس استفادوا من اللعب التخيلي للاطلاع على حياة الطفل النفسية، وكشف إبداعاته ومواهبه، وأن هذا النوع من اللعب مدة طويلة يساعد أكثر على التعلم عندما يكون الموقف الذي يمثل أقرب ما يكون إلى الواقع، ما من شأنه أن يحسن مخرجات التعلم في بعض المواقف.
وبينت أن اللعب التخيلي يساعد الطفل على التفكير بالأفعال والأشياء بطريقة رمزية تحول الأفعال إلى أفكار، وهذا هو دور هذا النوع من اللعب في تنمية تفكير الطفل وتوسيع مداركه، وكذلك يساعده على "التفكير التجريدي" الذي يسمح له بالتفكير في أشياء غير موجودة في الزمان أو المكان.
وأوضحت أنه هذا النوع من اللعب يتغير بتغير السن، إذ يبدأ بتمثيل أشياء بسيطة، ثم يبدأ بعد ذلك بتمثيل الأدوار بينه وبين من هم أكبر منه سنًّا، ما يساعده على معرفة ذاته وتأثيرها بالوسط الاجتماعي، لافتة إلى أنه لابد من اختيار الألعاب التي تنمي مهاراته الاجتماعية، وتطور من أدائه.
وتابعت أبو شرار حديثها: "بكل تأكيد يحمل اللعب التخيلي (الإيهامي) جوانب سلبية كما أي شيء، فقد يكون له تأثير على صحة الطفل العضوية والنفسية، وهذا ليس بأمر بسيط أو هين، وتسبب بعض الألعاب أضرارًا أو إصابات".
وبينت أنه يجب على الأهل مراعاة اختيار اللعبة المناسبة التي لا تلحق الضرر والأذى بالطفل، وتناسب أعمارهم وعقليتهم وحجم أجسامهم، حتى يصل الأهل إلى مبتغاهم من وراء ممارسة هذا النوع من اللعب مع أطفالهم، كتوسعة مدارك تفكيرهم، وتنمية مهاراتهم، حتى يطرأ تغير على مستوى تحصيلهم الدراسي.
ونبهت أبو شرار إلى أنه لابد من حرص الأبوين على ألا يتفاعل طفلهما مع الألعاب الإلكترونية، والألعاب التي تبعده عن التفاعل مع الآخرين، وألا يتركاه لمشاهدة أفلام الكارتون التي تشجع على العنف حتى لا تنمي خياله للضرب والعدوانية مع الآخرين.
ولفتت إلى أنه بعد اكتساب الطفل سلوك جديدًا وجيدًا يمكن للأم سرد قصة لتكسبه ثقة بنفسه، فاللعب التخيلي ينمي لديه مهارات التقليد والانتباه والإدراك، ويساعده على اكتساب مهارات حياتية وسلوكية وعادات جيدة.