فلسطين أون لاين

​التطوع لإسعاد الآخرين "سر" نجاحات كبيرة لـ"فريق سفراء"

...
من أعمال الفريق
غزة/ خضر عبد العال:

في نهاية يوم ترفيهي نظمه فريق "سفراء التطوعي" داخل أحد المنتجعات السياحية على شاطئ بحر غزة، همس مسن في أذن رئيس وأعضاء الفريق: "الله يسعدكم مثل ما أسعدتمونا، دايمًا تفقدونا بمثل هذه الرحلة لأنها بتخفف عنّا وجعنا".

دعوة وطلب الرجل المسن نقشتا في صدر أعضاء الفريق، فرحةً بتحقيق الهدف المنشود من تنفيذ فعاليتهم تلك، ورأفة بالفئة من المجتمع التي هي بحاجة لرعاية من الجميع لإشعارهم بالتقدير.

هذه الفعالية، واحدة من فعاليات عدة موجودة على أجندة فريق "سفراء" تستهدف فئات مختلفة داخل المجتمع في قطاع غزة، وفق الشاب أحمد تمراز، أحد أعضاء الفريق.

ورغم أن الفريق حديث عهد بالأعمال التطوعية حيث تأسس في 2017 بثمانية أشخاص، إلا أنه حقق إنجازًا كبيرًا على هذا الصعيد.

ويفيد تمراز (26 عامًا) في حديث مع صحيفة "فلسطين" بأن عدد الأعضاء بلغ 15 متطوعًا، عدا عن أصدقاء الفريق الذين يشاركون بأغلب الفعاليات طوعًا منهم، فهم غير ملزمين كباقي أعضاء الفريق بالتواجد في الفعاليات والأنشطة كافة، ويصل عددهم لـ100 شخص متفاوتي الوجود.

ويرى أن فكرة الفريق مختلفة عن غيرها في هذا المجال، إذ إن فكرته الأساسية تتبلور حول كونه حلقة وصل بين أهل الخير الذين يريدون تقديم مساعدات وبين الفئات المستهدفة.

ويوضح أن مجالات العمل تتنوع بين الجانب الإغاثي للأسر والعائلات المتعففة والمستورة، والجانب الترفيهي لفئات مختلفة، إضافة لبعض المساعدات المادية مثل ترميم منازل، وتوفير مصدر دخل.

فريق "سفراء التطوعي" جاء هذا الاسم بناءً على المهمة الأكبر بالنسبة للأعضاء وهي دلّ الناس على الخير، بحيث يكونون سفراء لأهل الخير بين الفئات المستهدفة.

ويروي تمراز وهو خريج هندسة اتصالات وتحكم، كيف تبلورت فكرة إنشاء الفريق، قائلًا: "مع بداية دراستنا الجامعية، اجتمعنا متطوعين ضمن فرق شبابية، ومع مرور الوقت، انشغل كل واحد منا بحياته الخاصة، لكن بقي جانب داخل كل واحد فينا اسمه "التطوع"، هذا الشيء بات يدفعنا ويحثنا على تكوين هذا الفريق، خصوصًا بعدما تكونت لدينا خبرة في هذا المجال".

ويتابع: " بذلنا جهودنا بالشكل الذي رأيناه مناسبًا، إذا إن فكرة أن نكون حلقة وصل تحتاج عدد قليل من المتطوعين وفي الوقت ذاته نستطيع الوصول لأكبر عدد ممكن من الفئات الأكثر احتياجًا في المجتمع".

"علِّمني كيف أصطاد"

وعمل فريق "سفراء" وفق مبدأ يعبر عنه المثل الشعبي "ما تعطيني سمكة، علِّمني كيف اصطاد"، إذ جهز الفريق خلال رمضان 2018، مطبخًا كبيرًا ضم حوالي 10 سيدات من عائلات مختلفة تحتاج إلى مصدر دخل، عملن طوال شهر رمضان في إعداد جميع أصناف المأكولات، وفي نهاية كل يوم يتم بيع هذه المأكولات، ثم يقسم ربحه على السيدات.

وكانت تتراوح يومية السيدة الواحدة بين100 و120 شيقل، وتوزع دور أعضاء الفريق ما بين إدارة عمليات البيع والشراء والمحاسبة، والتسويق وجلب الزبائن، إضافة للإشراف على جودة الأكل ونظافته.

"في هذا المشروع حققنا نجاحًا كبيرًا، فإمكانات بسيطة، كفلت 10 عائلات مستورة وجنبتهم أن يطلبوا أو يحتاجوا إلى مساعدة من أحد، وهذا المشروع سنطوِّره أكثر خلال الفترة المقبلة، ولكن بانتظار تمويل خارجي يرعاه بشكل مستمر"؛ يضيف تمراز.

أما على صعيد المشاريع الصغيرة، فقد جهز الفريق حوالي 10 مشاريع صغيرة، مثل عربة مشروبات ساخنة على شاطئ البحر، وبعد تجهيزها كاملة، يساعد أعضاء الفريق الأشخاص المستفيدين من هذه المشاريع في بعض الأمور الإدارية من أجل إدارة أموره المالية ومبيعاته.

وفي أحد المشاريع، كان المستهدف يمتلك مطعمًا صغيرًا فتم تجهيزه وتطويره، وآخر كان يبيع مكسرات، فاشتروا له عربة وبات عمله أفضل.

وفي الجانب الترفيهي، نظم الفريق عشرات الأنشطة الترفيهية التي استهدفت الأطفال من مرضى الكلى وأطفال متلازمة داون، وكبار السن.

يضاف إلى ذلك والكلام لتمراز: "إعادة ترميم بعض البيوت المستورة مثل تجهيز المطبخ أو الحمام، أو السقف، أو تمديدات الكهرباء، إلخ، وتكون المساعدة حسب التمويل المتوافر".

وعن الصعوبات التي واجهت الفريق خلال عمله فهي مرتبطة بالوضع الاقتصادي الذي يعيشه قطاع غزة بسبب الحصار المتواصل منذ 13 سنة، وأبرزها شح مصادر التمويل؛ وفق تأكيده.

ويبيِّن أن مصدر التمويل الأساسي لدى الفريق كان من قطاع غزة، وحاليًا شح هذا التمويل، لافتًا إلى أن أعضاء الفريق يسعون إلى جلب تمويل بشكل شخصي من أقربائهم وأصدقائهم في الخارج إلا أنه قليل.

ويؤكد أن النجاح الذي حققه فريقه يرجع أساسًا إلى أن أعضاء الفريق يأتون تطوعًا من أجل إسعاد الناس وليس لأي هدف آخر.

"أحلى شيء في الدنيا رؤية أثر العمل الذي عملته يرسم على وجوه الناس فرحة وسعادة"، يعبر تمراز عن شعوره حين ينجز أحد أعماله الخيرية.

ويتطلع الفريق دومًا لرسم البسمة ونشر الفرحة بين الفئات المستهدفة، متخذًا شعارًا مفاده "هدفنا مساعدة الناس المحتاجة وإسعادهم، وإزاحة هموم الدنيا عن المرضى وكبار السن، والفقراء وغيرهم".