منذ أن وقعت منظمة التحرير الفلسطينية اتفاقية اوسلو مع المحتل الإسرائيلي قبل ربع قرن لم يرجع أي فلسطيني من الشتات إلى بيته في الأراضي المحتلة عام 1948، وهذا يعني ان منظمة التحرير لم تتنازل فقط عن ثلاثة أرباع الوطن بل تنازلت عن حقها في الدفاع عن سكان تلك الاراضي الذين يبلغ عددهم قرابة مليون وثمانمائة ألف فلسطيني في الداخل وبضعة ملايين في الشتات، إعلان قيادة منظمة التحرير بأن قضية اللاجئين سوف تحل حلا عادلا وشاملا ومتفقا عليه يؤكد بأن اتفاقية اوسلو لن تعيد اللاجئين الى ديارهم لأن الامر بيد (اسرائيل) طالما ان موافقتها شرط لعودتهم وقد قبلت به المنظمة.
فلسطينيو الشتات قرروا أن يأخذوا زمام المبادرة لإعادة قضيتهم الى الواجهة وذلك بالإعلان عن عقد مؤتمر "فلسطينيو الشتات" في إسطنبول الشهر الجاري مما استفز فصائل منظمة التحرير عامة وحركة فتح على وجه الخصوص. منظمة التحرير اتهمت القائمين على المؤتمر بالخيانة وتخطي الممثل "الشرعي" والوحيد للشعب الفلسطيني. لا شك ان وحدة الصف الفلسطيني مطلوبة وبشدة وقد يعتقد البعض ان مثل تلك المؤتمرات قد تؤثر بشكل سلبي فيها ولكنني أرى الأمر من زاوية اخرى وهو أن مثل تلك المؤتمرات قد تكون دافعا لمنظمة التحرير لاستعادة بوصلتها ورشدها ايضا. الاكتفاء فقط بتخوين الآخرين واتهامهم بتخطي شرعية المنظمة لن يفيدها في شيء. منظمة التحرير في مأزق شديد وما تتعرض له الآن لا يشبه ما تعرضت له عبر سنواتها الأولى حتى تصمد أو تقوم كما قامت في كل مرة والاعتماد على الشواهد التاريخية في هذه الحالة سيعيق قادة المنظمة عن البحث عن الحل الصحيح والعقلاني لإنقاذ كيان المنظمة واستعادة دورها الوطني سيما وأن الفصائل اليسارية في منظمة التحرير لم تعد كما في السابق ومنها قد تلاشى ولم يبق منها إلا الرأس، وكذلك فإن حركة فتح تعاني من انقسام داخلي لا يمكنها إنكاره، أي أن جميع فصائل المنظمة مأزومة داخليا ويفاقم أزمتها فشل اتفاقية اوسلو وانقلاب "إسرائيل" والولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول العربية على برنامج حل الدولتين.
خلاصة القول فإن المخرج وطوق النجاة الوحيد للمنظمة بجميع فصائلها هو الموافقة على اعادة تأهيل المنظمة وتبني برنامج القواسم المشتركة لجميع الفصائل بما فيها حماس، كما هو متفق عليه في وثيقة الوفاق الوطني حيث التمسك بجميع الثوابت والحقوق الوطنية ومنها حق العودة وعدم إسقاط حق الأجيال القادمة في مقاومة الاحتلال.