يومًا بعد الآخر تدلّل القرارات الأمريكية انحياز الولايات المتحدة الأمريكية للاحتلال الإسرائيلي على حساب الشعب الفلسطيني، والتي كان آخرها، قرار وزارة الخارجية الأمريكية شطب اسم السلطة الفلسطينية من تعريف المناطق في الشرق الأوسط واسم فلسطين عن الخارطة السياسية.
وذكرت القناة العبرية السابعة، الأحد الماضي، أن الخارجية الأمريكية حذفت اسم السلطة الفلسطينية، من قائمة تعريف المناطق في الشرق الأوسط.
وبينما عدّ محللان سياسيان قرار الخارجية الأمريكية انحيازًا كبيرًا للاحتلال، واعتداء سافرًا على التمثيل والوجود الفلسطيني، قوبل القرار بتنديد فلسطيني من مؤسسات وشخصيات فلسطينية سياسية وقانونية.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية د.عثمان عثمان، أن القرار الأمريكي يدل على أن موقف واشنطن يتبنى جميع المواقف الإسرائيلية التي تنتهك حقوق الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن القرار فيه انحياز واضح للاحتلال.
وقال عثمان لـ"فلسطين": "سعي أمريكا لشطب اسم فلسطين من الخارطة السياسية، يجب أن يكون جرس إنذار نهائي لمنظمة التحرير والشعب الفلسطيني والغيورين من البلدان العربية والإسلامية، بأن حالة العداء للفلسطينيين كبيرة، والولايات المتحدة شريك الاحتلال ضد فلسطين".
وأضاف: "لولا الدعم الأمريكي المطلق لهذا الكيان، لما تمادت القيادة الإسرائيلية بعنجهيتها واستيطانها وتهويدها واعتقالاتها وقصفها للبلدان العربية (العراق، سوريا، لبنان، الضفة الغربية وقطاع غزة)، إذ إنها تفعل ذلك بسيف أمريكا التي تجد أنصارًا لها من الأنظمة العربية، في حين أننا لا نجد من يدين هذه الأفعال".
وأكد أنّ هذا القرار يجب أن يكون تنبيهًا للسلطة الفلسطينية، بأنها مهما فعلت وتراخت لا يمكنها الحصول على الحد الأدنى من الحقوق التي تطمح لها من إدارة دونالد ترمب.
وتابع: "قرار الخارجية الأمريكية لن يغير الواقع لأن الفلسطينيين موجودون على الأرض قبل أمريكا و(إسرائيل)، إنما هم (الأمريكيون) يريدون خلق واقع جديد ربما لفرضه على بعض البلدان الغربية، مثلما فعلوا بنقل السفارة الأمريكية للقدس".
فشل خيار السلطة
وفي السياق، أشار عثمان إلى أنه مطلوب من السلطة اتخاذ خطوات عملية، وليس الاكتفاء ببيانات الإدانة؛ لأنها لن تأتي بنتيجة، حيث إن هذا الكلام تعيه أمريكا و(إسرائيل) وتعرف أنه كلام للاستهلاك الإعلامي فقط.
وتابع: "مطلوب من السلطة، قطع جميع علاقاتها بالاتفاقات التي رعتها الولايات المتحدة والمجتمع الدولي التي تنصلت منها أمريكا، كما يجب عليها المراهنة على الخيارات الأخرى التي لم تفشل في الساحة الفلسطينية، مثل التلويح بالتعاون مع القوى الوطنية والمناضلة التي لا تعترف بـ(إسرائيل)".
"حينئذ يكون هذا الرد المناسب على أمريكا حتى تدرك أن هذا القرار جلب لها سمعة سيئة، وأنها سبب عدم الاستقرار في المنطقة، وغير مرغوب فيها بأن تكون راعيا لأي عملية سلمية"، ييف عثمان.
واستطرد قائلًا: "يجب على السلطة الفلسطينية بطريقة أو أخرى الاقتراب من محور الممانعة والتمسك به، لأن الخيار العربي الذي تقوده السعودية فاشل.."، وفق تعبيره.
وبيّن أن "صناع القرار في المنطقة العربية معنيون بإملاء أجندات خارجية علينا كفلسطينيين، إلا أننا يجب أن نكون مستقلين، وأحرار في اختيار أي قرار يدعم القضية الفلسطينية في صراعها مع الاحتلال الإسرائيلي".
وفسّر القرار الأمريكي أنه فشل لخيار السلطة الفلسطينية، متمنيًا على القيادة الفلسطينية الاستيقاظ والإقرار ولو ضمنيًا بخيارها الفاشل، وأن تسلّم القيادة للشعب عبر انتخابات نزيهة، وألا تلتف إلى نتائجها تحت أي ضغوط خارجية كما حصل عام 2006.
تسويات جديدة
من جهته، عدّ الكاتب والمحلل السياسي أحمد عوض القرار الأمريكي اعتداء على الوجود والتمثيل الفلسطيني، وأن فيه تحضيرًا لتسويات جديدة لا تصب في مصلحة الفلسطينيين وهو الأخطر، وفق تعبيره.
وقال عوض لـ"فلسطين": "القرار يدل على أن الإدارة الأمريكية لا تريد التعامل مع السلطة الفلسطينية كجهة تمثيلية عن الشعب الفلسطيني وإنما كجسم تنفيذي فقط، وهذا مقدمة لشطب السلطة كممثل للشعب الفلسطيني، وفرض حلول منحازة للاحتلال بشكل كبير جدًا".
وشدد على وجوب اتخاذ السلطة قرارات أكبر وأعمق من الإدانة، بحيث يدعم موقفها أمام المجتمع الدولي.
ورأى أنه من الضروري بمكان إعادة السلطة لعلاقتها مع الاحتلال الإسرائيلي كونه محتلاً لفلسطين، وليس كما العلاقة القائمة حاليًا المبنية على الاتفاقيات والتنسيق بين الطرفين.
سياسة عدوانية
من جانبه، قال المجلس الوطني الفلسطيني: إنّ قرار الخارجية الأميركية حذف فلسطين وأي إشارة للأراضي الفلسطينية أو للسلطة الفلسطينية، ومحاولتها لنزع الصفة القانونية عنها كونها "محتلة"، من قائمة الدول من الموقع الإلكتروني الخاص بها، يأتي استمرارًا لسياستها العدوانية تجاه حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف في تقرير المصير والعودة وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها مدينة القدس.
وأضاف المجلس الوطني في بيان صدر عنه أمس: إن هذا القرار الأميركي الذي جاء بعد قرار وقف استخدام مصطلح "الأراضي الفلسطينية المحتلة" وتشريع الاستيطان فيها، لن يغيّر من حقيقة أنّ فلسطين دولة تحت الاحتلال ومعترف بها من قبل الأمم المتحدة، وأن حقوق الشعب الفلسطيني محمية بمئات القرارات التي أصدرتها الجمعية العامة ومجلس الأمن الدولي.
وطالب المجلس الوطني الأمم المتحدة والدول الحرة في العالم التي تؤمن بالقانون الدولي ووجوب نفاذه كونه المرجعية المتوافق عليها بين الدول، واتخاذ مواقف حازمة تجاه سياسة إدارة ترمب ومحاولاتها تدمير قواعد القانون الدولي واستهتارها بقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي والمؤسسات الدولية.
كذلك، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني أحمد مجدلاني: إن إقدام وزارة الخارجية الأميركية على شطب فلسطين من قائمة دول المنطقة، محاولة لنفي صفة الاحتلال عن أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، وتأكيد أميركي على الشراكة معه.
وتابع مجدلاني في بيان صحفي، أمس، أن الإدارة الأميركية تقوم بكافة المحاولات لشطب القضية الفلسطينية، وهذا يتم بالتماهي مع جرائم الاحتلال الإسرائيلي ومحاولة تجميل صورته من خلال تغيير وتزييف الوقائع بما يخدم تحقيق ذلك الهدف.
وأضاف أن الخارجية الأميركية وعبر تقاريرها الدولية تريد تجميل صورة الاحتلال، لكن العالم أجمع يدرك بشاعة هذا الاحتلال وجرائمه وإرهاب الدولة المنظم ضد شعبنا.
بينما عدّ تيسير خالد، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، القرار الأمريكي "خطوة عدائية جديدة تضاف للخطوات العدائية التي كانت الإدارة الاميركية قد اتخذتها ضد الشعب الفلسطيني بدءا بقرار الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة (إسرائيل).
كانت رئاسة السلطة الفلسطينية دانت على لسان الناطق باسمها نبيل أبو ردينة القرار الأمريكي حيث صرح أول من أمس قائلًا: إن إقدام الخارجية الأمريكية على شطب فلسطين من قائمة دول المنطقة يأتي تساوقا مع أفكار اليمين الإسرائيلي المتطرف.
في السياق، اعتبر الأمين العام للهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات الدكتور حنا عيسى، أمس، شطب وزارة الخارجية الامريكية لاسم فلسطين من قائمة دول المنطقة، انتهاكا صارخا لقرارات الأمم المتحدة أولاً، وانحياز متطرف للاحتلال الاسرائيلي.
وشدد عيسى في تصريح صحفي، على تمسك الفلسطيني بأرضه وحقوقه المشروعة بتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، رغم مخططات الاحتلال واجراءاته التعسفية، ورغم جميع القرارات الأمريكية المتطرفة.
ووقف عيسى على المركز القانوني لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، مشيراً الى أن فلسطين في هيئة الأمم المتحدة تجمع بين صفتين، الصفة الأولى: دولة والصفة الثانية: منظمة تحرير وطنية، وبتمتعها بمحتوى حقوق الصفتين تيسر منظمة الأمم المتحدة تحقيق المبادئ والأهداف التي أنشأت من اجلها وخاصة منها حق الشعوب في تقرير المصير وإرساء السلم والأمن على الساحة الدولية.