في مختلف الأحداث والانتهاكات التي يتعرض لها المسجد الأقصى المبارك يبرز الشباب في مقدمة الصفوف المدافعة عن قدسية وإسلامية المكان.
ويمثل الشباب المقدسي وتحديدًا شبان البلدة القديمة خط الدفاع الأول عن المسجد الأقصى، "فهم أسرع من لبوا نداءه، والمدافع الأشرس والمزعج للاحتلال"، كما يقول الشاب المقدسي أسامة برهم.
ويشير إلى أن شباب القدس كان لهم على مدار التاريخ دور محوري في الدفاع عن الأقصى، فقد كانوا المكون الأساس للجيوش الإسلامية حينما حررت القدس في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وصلاح الدين الأيوبي.
ويوضح برهم أن أشكال حماية المسجد الأقصى تتعدد، فمنها: المبادرات الشبابية انطلاقًا من الوعي الذاتي بقضية الأقصى ومتطلباته وحجم التهويد الذي يتعرض له، "فأبدعوا في جذب المقدسيين للمسجد، وعززوا من وجودهم من خلال أنشطة بسيطة كان لها عظيم الأثر، مثل: مبادرة "اكتب كتابك بالأقصى"، و"مقلوبة الأقصى"، ومصاطب العلم، وغيرها".
ويرى أن تلك المبادرات جعلت المسجد الأقصى ضمن أولويات الشاب المقدسي، كونه يتربع على قلوبهم ولديهم استعداد لفدائه بدمائهم، خاصة أنه البؤرة الأهم على الأرض مكانيًا وروحيًا.
ويلفت برهم إلى أنه وبالرغم من ملاحقة جيش الاحتلال للشباب المقدسي اعتقالًا وإبعادًا وغيرها من قرارات جائرة تمس كرامة عيشهم، إلا أنهم يعدون ذلك ملحمة وأعظم شرف يمكن أن يحصلوا عليه، وليس طريقا للتهلكة.
وفي ذكرى مرور خمسين عامًا على جريمة إحراق المسجد الأقصى وجّه برهم رسالة إلى الشاب المقدسي: "قد يكون هذا العنصري قد نجح بإحراق المسجد الأقصى ومنبر صلاح الدين، لكن حلم قطعان المستوطنين بأن يمسح عن الخريطة لن يتحقق في ظل وجود شاب مقدسي يفدي الأقصى بروحه".
خط الدفاع الأول
أما الشاب المقدسي محمود المونس من سكان البلدة القديمة فيرى أن الوجود الدائم للشبان المقدسيين في ساحات المسجد الأقصى وحرمه يعد خط الدفاع الأول على مدار السنوات الأخيرة، فالعشرات منهم قضوا على عتباته شهداء لأجل قدسية المكان وإسلاميته.
ويؤكد المونس أن تعرض الشباب للاعتداء الجسدي من قوات الاحتلال والاعتقال والإبعاد بشكل يومي لمواجهة انتهاكات حرمة المسجد الأقصى لا يمكن أن يُلين لهم جانبا في سبيل حماية القدس والمقدسات "فهي ليست مجرد أرض ولا بعض تراب، هي عقيدة تزرع في نفس الشخص منذ الصغر أو بالأحرى هي معتقد ديني يجب علينا الحفاظ عليه والعمل من أجله".
وبمرور نصف قرن على الجريمة التي ارتكبها المتطرف اليهودي دينيس مايكل روهان، يشدد المونس على ضرورة أن يستمر الشباب في الصلاة والجلوس في الأقصى، وأن يؤدي كل فرد مقدسي دوره ومسؤوليته تجاه المسجد ليمنع الاحتلال من إعادة التاريخ بصورة أفظع "فكل قانون أو قرار بحق المسجد باطل ولا سيادة لأي أحد عليه سوى للشارع المقدسي".
مبادرات
ويرى الناشط المقدسي بشار أبو شمسية أن الحديث عن دور الشباب في حماية الأقصى يختصر بالرباط الدائم في ساحاته، منبهًا إلى أن الرباط ليس شرطًا أن يكون ماديًّا، وإنما بالتفكير في كيفية إطلاق مبادرات تستهدف جميع الفئات لجذب الناس لحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية كافة.
ويقول: "المسجد الأقصى هو البؤرة الرئيسة المستهدفة على الدوام من سلطات الاحتلال والمستوطنين، ويمكن للشباب أن يغيروا الواقع كما استطاعوا إلغاء نظام البوابات الإلكترونية على أبواب الأقصى في يوليو/ تموز 2017".
ويلفت شمسية إلى أنه نتيجة استهداف الاحتلال للشباب مباشرة يمكنهم حماية أنفسهم بمبادرات لا يمكن أن تطالها قوانين الاعتقال والإبعاد، ولكنها تعزز من الروابط الاجتماعية، مستدركًا أن استهداف المقدسيين ليس وليد اللحظة، فمنذ عام 1967م حتى اليوم والشاب مستهدف رغم اختلاف الطرق، ولكنه النهج والفكر الإسرائيلي ذاته، ومع ذلك شباب القدس يمتلكون قوة كبيرة للدفاع عن الأقصى، وكان ذلك واضحًا في الهبة الأخيرة بعيد الأضحى.
ويؤكد أبو شمسية أهمية استخدام الوسائل كافة لإيصال معاني القدسية الإسلامية للمسجد الأقصى سواء بالكتابات أو الأبحاث، مشيرًا إلى أن شباب القدس قاموا على مدار أعوام بدور الحكومات في الدفاع عن المسجد دون سند أو دعم مادي أو نفسي، "ولا نسمع سوى عبارات الشجب والاستنكار من حكومات عربية وسلطة فلسطينية".