فلسطين أون لاين

​هل تقبل الارتباط بشخص مريض؟

...
ليس بالسهل أن تعطي الفتاة رأيها أو قرارها بشأن الارتباط بشاب مريض
غزة/ هدى الدلو:

الإقبال على الارتباط والزواج ليس بالأمر بالهَيِّن، فذلك يحتاج إلى تفكير طويل، فكيف لو أقبل الشخص على الارتباط بشخص مريض، أو لديه عيب ما، فإن الأمر يتطلب دراسته مئة مرة قبل اتخاذ القرار. فهل توافق على الارتباط بشخص مريض؟

الشاب صالح الحتو يرى أنه لا بأس من الارتباط بفتاة مريضة، ولكن القرار يحتاج إلى دراسة وتفكير طويل لمعرفة طبيعة المرض ومدى تأثير، ولكن المبدأ مقبول بالنسبة له.

وقال لـ"فلسطين": "اتخاذ هذا القرار يحتاج إلى جرأة وشجاعة وقدرة على المواجهة، وبالتأكيد حينها المجتمع لن يرحم، وسأسمع كلمات من كلِّ حدب وصوب، وقد أواجه معارضة من قبل أهلي، ولكن بالنسبة لقناعاتي فهي مختلفة"، متسائلًا عن الجريمة التي ارتكبها حينما يوافق على الارتباط بفتاة تعاني من مرض السكري أو الضغط، أو لديها مشكلة نفسية؟، مشيرًا إلى أن العادات والتقاليد المجتمعية تفرض قيودًا على الشخص، بحجة أنه ظلم نفسه وأبنائه في المستقبل.

حسب الظروف

العشريني علي موسى أوضح أنه قد يوافق على الارتباط ولكن في حال أطلعه أهلها على وضع ابنتهم قبل الدخول في الإجراءات الرسمية، ويتركون له مجالًا للتفكير، لا أن يتم وضعه تحت الأمر الواقع.

وأضاف لـ"فلسطين": "لكن بشكل عام الأمر ليس سهلاً، فقد أقول الآن إنَّه لا مشكلة من ذلك، ولكن عندما تكون الأمور جدية قد أرفض لعدم إدراكي لطبيعة المستقبل القادم، ووفق الظروف القائمة، خاصة أن المرأة تتحمل أعباء ومسؤوليات كثيرة كالبيت والزوج والأبناء".

وترى هبة سعيد أنه ليس بالسهل أن تعطي الفتاة رأيها أو قرارها بشأن الارتباط بشاب مريض، فالأمر يحتاج إلى تفكير طويل وروية واستخارة، وخاصة في حال قام الأهل بتركها وفق حريتها دون تدخل منهم، حتى تستطيع تحمل المسؤولية فيما بعد ولا يؤثر أحد على قرارها.

وأضافت أنه في حال وافقت فإن الأمر يحتاج منها إلى طول نفس، فالأمر ليس سهلًا، فهناك الكثير من المشاكل التي قد تواجهها في حياتها المستقبلية "ووفق رأيي فإني أوافق على الارتباط بشخص مريض، فقد يكون هو نصيبي، والشفاء بيد الله، فلو ارتبطت بشخص سليم لا يعاني من أي علة قد يبتلى بمرض بعد الزواج، وسأضطر أن أكمل معه الطريق، فلن أتركه وهو في أمس الحاجة لي"، وفق قولها.

لقلة الفرص

وتعارضها مرام أشرف بحجة أنه في حال كان الأمر عكسيا فلن يوافق الشاب على الارتباط بها، ولو وافقت سيعتقد البعض أن موافقتها جاءت من باب أن الفرص أمامها أصبحت قليلة، أي فاتها القطار، فالرجال لا يتحملون العيش مع امرأة مريضة، فلو مرضت بعد الزواج فإنه يرسلها إلى بيت أهلها حتى تتعافى، وإذا كان مرضها لا أمل بالشفاء منه، فإنه يتركها لتعاني الأمرّين، إذن لماذا التضحية دائمًا من طرف واحد؟

بينما تحدث الاختصاصي النفسي إبراهيم التوم، أن الأمر لا يحكم دون معرفة طبيعة المرض نفسي، أو جسدي، أو اجتماعي، أو عقلي، وحسب درجته شديد أو متوسط، أو عادي، ولكن على العموم ليس هناك مانع من حيث المبدأ مادام هناك توافق نفسي وعقلي واجتماعي وعلمي وجسدي ومادي.

وبين التوم لـ"فلسطين"، أنه في حال وجد التوافق والانسجام الأسرى والتأقلم والتكيف فلا مشكلة، فهناك العديد من حالات الزواج الناجح في المجتمع والعكس.

وقال التوم: "ولكن في أغلب الأحيان يعتريه المشكلات، نظرًا لعدم وجود حاضنة أسرية واجتماعية، بالإضافة إلى النظرة السلبية من المجتمع، فالثقافة السائدة هي التي تحدد النجاح والفشل، ولكن التحدي والحب وإثبات الذات وتعويض النقص من عوامل نجاح العلاقة، وأحيانًا يكون الدافع من وراء الارتباط هو دافع ديني مرضاة لله وكسب الأجر".

وأما بالنسبة للذين يرفضون المبدأ من أساسه، فأشار إلى أنه سببها الوصمة المجتمعية، والفوارق العمرية والمجتمعية والمرضية والمادية والعقلية، وغياب التوافق، فتواجههم مشاكل حياتية كالعزلة والانفصال العاطفي والتفكك الأسري والعنف والعدوانية.

وختم التوم حديثه بقوله: "للأسف الشديد المجتمع، والثقافة، والعادات والتقاليد تجرم ذلك الارتباط منذ البداية، وتحكم عليه بالفشل، وذلك لأسباب كثيرة منها التسرع في إصدار الأحكام المسبقة، وفقدان الأهلية، والنظرة السلبية، والتوقع والتنبؤ بالأمراض والعقد وانتقالها لأبنائهم في المستقبل، وقد يكون مدعاة للتسول وزيادة الفقر، والارتباط بالمساعدات والاتكالية على الآخرين والمؤسسات".