"الجفاف العاطفي" ربما يكون هذا هو الوصف الذي ينطبق على حياة كثير من الرجال مع زوجاتهم، دون أن يكونوا على دراية بذلك.
والأدهى إذا ما علم بعض الرجال أن تصرفات غير مقصودة قد يمارسونها في حياتهم؛ هي التي توصلهم إلى هذه الحال.
ويُعرِّف خبراء علم اجتماع ونفس الجفاف العاطفي بأنه نوع من الملل والركود بالمشاعر والأحاسيس بين الرجل وزوجته.
ويُرجع خبير علم الاجتماع د. وليد شبير في حديث مع صحيفة "فلسطين" حدوث هذا النوع من الركود في العلاقة إلى أسباب متعددة، منها إذا كان الرجل لا يحسن التعامل مع زوجته، أو يستخدم الألفاظ النابية وغير السليمة.
أما الكلمات اللطيفة والمعاملة الطيبة وتقديم ما أمكن من الهدايا والخروج في فسح ومعرفة احتياجات الزوجة؛ فإن ذلك يؤدي إلى زيادة المودة بينهما.
ويحذر شبير من أن الجفاف العاطفي إن وقع فسيفاقم المشكلات، وقد يؤدي إلى تفكك الأسرة والطلاق.
ولتجنب ذلك، ينصح الرجل بتعويد نفسه فهم زوجته، ومعرفة كيفية استقبالها كلامه وأفعاله وتعاملاته، ومدى تقبلها أمورًا دون أخرى، وهذا يكون بالتصرف الحسن.
ويقول شبير: "يتعين على الرجل ألا يعامل زوجته معاملة تغضبها، وتؤدي إلى جفاء بينهما"، مضيفًا: "إن الرجل قد يستطيع أن يجذب زوجته إليه بكلمة حسنة واحدة، وهذا يوطد العلاقة الحسنة".
ويلفت إلى أن العاطفة مهمة جدًّا في حياة الزوجين، وهي لا تقل أهمية عن العقل الذي يحكم العلاقة بينهما.
وإذا أحسن الرجل تجنب الجفاف العاطفي؛ فإن ذلك سينعكس إيجابًا على الأبناء، الذين يتخذون آباءهم قدوة لهم، وهذا يوجب على الزوجين أن يتبعدا عن المشكلات، ويحسن كل منهما معاملة الآخر، لاسيما أمام أبنائهما، وحسن التعبير عن العواطف.
من جهته يقول أستاذ علم النفس د. عزات عسلية: "إن الجفاف العاطفي قد يعود إلى عدم التكافؤ المعرفي والثقافي والفكري بين الطرفين".
ويضيف عسلية لصحيفة "فلسطين": "يمكن أن يتسبب في ذلك أيضًا نظرة الرجل إلى المرأة، وفقًا لثقافته، ومدى إيمانه بكونها شريكة له حتى في القرارات المصيرية التي تتعلق بالبيت".
وينبه إلى أن من العوامل التي قد تؤدي إلى الجفاف العاطفي كذلك أن يكون الرجل منشغلًا طوال الوقت عن زوجته، وهو ما قد يؤدي إلى تفكك الأسرة.
ولما كنا نعيش في عصر الثورة التكنولوجية؛ فإن مواقع التواصل الاجتماعي قد تكون نقمة في هذا الجانب، إذا أسيء استخدامها، وفقًا لإفادة عسلية.
ويفسر بأنه إذا كان الرجل مدمنًا استخدام مواقع التواصل الاجتماعي حتى في أثناء تناوله الطعام مع زوجته؛ فإنه سيتحول إلى إنسان موجود وغير موجود في آن واحد داخل المنزل، وكأنه في غربة.
وعامة ينصح الخبراء بالحرص على التواصل الدائم مع الزوجة لسد المجال أمام حدوث فجوة، وبالاهتمام بها، وبعدم ترك أي خلافات زوجية قائمة دون حل.
كما ينصحون باحترام المشاعر، وإتاحة الفرصة للحديث والتعبير عن النفس.