بين مدة وأخرى تتجه المؤسسة نحو إجراء تقويم وظيفي للعاملين فيها، لدراسة مستوى أدائهم خلال المدة الماضية، وما قدموه من الواجبات المطلوبة منهم، وما تهاونوا فيه، فبالتقويم تتمكن المؤسسة من الحكم على دقة سياساتها والبرامج التي تعتمدها، وعلى مستوى موظفيها، إذ إن عملية القياس والتقويم وسيلة مهمة لتوضيح نقاط القوة والضعف في أداء الموظف، ولكن هل يكون التقويم السلبي دافعًا لزيادة إنتاجية الموظف، أم أنه يحبطه ويقلل من إنتاجيته؟، هذا ما نتحدث عنه في سياق التقرير التالي:
بعيدًا عن الأهواء
قالت الموظفة في مؤسسة خاصة عبير عاشور: "أرى أن تأثير التقويم على الموظف يتوقف على أسلوب الانتقاد والتقويم، ففي بعض الأحيان يكون ذلك بطريقة غير لائقة وجارحة، ما ينعكس سلبًا على الموظف".
وبينت أنه في حال كان التقويم سلبيًّا ولكنه بأسلوب لائق ولا يعتمد على الأهواء الشخصية، ووفق مصلحة العمل؛ سيكون دفعة قوية للموظف لبذل المزيد من الجهد والنشاط، وتحقيق الإنجازات، إلى جانب حرصه على الإبداع في عمله.
فروق بين الموظفين
أما أيمن بكر فقال: "إن الشركة هي التي تحدد شكل التقويم الذي من شأنه أن يدفع الموظف نحو رد فعل سلبي أو إيجابي، ففي حال كانت إدارة المؤسسة تفرّق بين الموظفين؛ فهي بذلك تبني حساسية بينهم، وتجعلهم يظنون أن للتقويم أسبابًا غير معلنة، وأن النتائج غير مهنية".
ورأى ضرورة مراعاة الظروف الخاصة التي قد يمر بها الموظف، مثل مشاكل على مستوى وظيفته، أو أسرته، ولكن من شأنها أن تؤثر على مستوى تقويمه، ووفقًا لهذه المراعاة سيتعامل الموظف مع التقويم على أنه من شأنه تحسين إنتاجيته، وتعريفه مستوى عمله.
وأشار بكر إلى أن التقويم السلبي بصورة دائمة يُشعر الموظف بأنه فاشل، خصوصًا أمام زملائه، أما التقويم بطريقة محفّزة، أي بالتركيز على جوانب النجاح مع عدم إغفال جوانب الفشل من شأنه أن يشجعه ويدفع إلى تطوير نفسه مهنيًّا.
مبني على الدلائل
وفي السياق نفسه قال مدرب التنمية البشرية محمد الرنتيسي: "التقويم إجراء ضروري في أي مؤسسة، من أجل أن يعرف الموظف حجم إنجازه، خاصة أن بعضًا يظنّ أن إنجازاته كبيرة، وأنه يقدم الكثير من النجاحات، دون الانتباه إلى أن عمله لا يرقى إلى المستوى المطلوب، ومن هنا تنبع أهمية التقويم المبني على الدلائل".
وأضاف لـ"فلسطين": "إن التقويم يُعرّف الموظف نقاط القوة ونقاط الضعف لديه، وينبهه إلى مهاراته التي يستخدمها، وتلك التي يتجاهلها".
وأشار الرنتيسي إلى أن التقويم الفعال الذي يحقق آثارًا جيدة على نفسية الموظف هو الذي يأخذ بعين الاهتمام مصلحة العمل، ويكون موضوعيًّا غير مبني على الآراء والأهواء الشخصية.
وتابع: "يجب ألا يكون الهدف من التقويم قمع الموظف، فالأصل أن يكون أثره على العاملين في المؤسسة إيجابيًّا حتى لو كان سلبيًّا، فالشخصية الإيجابية تتقبل التقويم والنقد بشرط أن يكون بطريقة واضحة ولبقة، أما الشخصية السلبية ففي الأغلب لا تتقبل التقويم السلبي".
وبين الرنتيسي أن التقويم إجراء إداري، هدفه تحسين آلية العمل ليأخذ بالموظف نحو النجاح، لافتًا إلى أن هناك عوامل كثيرة تدخل في أثر التقويم، ومنها منهجية التقويم وألا يكون هدفه قمع الموظف.
وقال: "يُشترط في التقويم أن يرتكز على حقائق وأرقام لا تصورات، ويجب ألا يكون مفاجئًا، فلابد من المتابعة الدورية للموظف ومعرفة ما يقوم به، ومناقشة المشاكل التي يمر بها في أثناء العمل، وتوفير حالة من التوافق في الخطة والأهداف بين المدير والموظف، لأن التقويم في ظل عدم وجود خطة يصبح مطاطيًّا".
وأكّد أهمية المرونة في بعض الأحيان، وعدم اللجوء إلى التعنيف المباشر بسبب نتائج التقويم، بل لابد من التدرج في الوصول إلى هذه الدرجة، بعد استيفاء كل الخطوات.
وبين الرنتيسي أن الأصل في التقويم أن يكون هدفه معرفة سبب التقصير، فيزيد من حماسة الموظف لتحسين أدائه وإنتاجيته، ومعالجة نقاط ضعفه، وألا يؤدي إلى إحباطه وتثبيطه.