لا يجهل عاقل أهمية الأونروا للقضية الفلسطينية، ولا يجهل عاقل الدور الذي قامت به الأونروا لإطعام وتعليم وتطوير حياة اللاجئين الفلسطينيين على مدار عشرات السنين، ولا نبالغ لو قلنا: إن لحم أكتافنا نحن اللاجئين الفلسطينيين من خير الأونروا، ولا يجهل عاقل أن تصفية الأونروا مسعى إسرائيلي أمريكي يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، وفي المقابل لا يجهل عاقل حجم الجهد الفلسطيني والعربي والإسلامي الذي سيبذل لمواجهة مؤامرة تديرها السياسة الأمريكية، والدهاء الإسرائيلي، والمصالح الدولية.
الجهد الفلسطيني والعربي والإسلامي المبذول في الأمم المتحدة بحاجة إلى إسناد شعبي، ولا سيما أن التصويت على تمديد التفويض لعمل الأونروا لمدة ثلاث سنوات سيكون في شهر 9 من هذا العام، وفي حال عدم الحصول على الأغلبية سيصير إلحاق قضية اللاجئين الفلسطينيين بالمفوضية العامة لشؤون اللاجئين، وهي المنظمة الدولية التي ترعى شؤون 60 مليون لاجئ على مستوى العالم، لتغيب خصوصية القضية الفلسطينية بمستواها السياسي والإنساني عن أروقة الأمم المتحدة، وهذا شأن خطير، وانتصار إسرائيلي كبير، لذلك فالمطلوب هو وحدة وطنية فلسطينية ميدانية على الأقل في هذا الشأن، وحدة وطنية تعلي صوت فلسطين، وحدة وطنية يجللها حراك شعبي وجماهيري في مدن الضفة الغربية وقطاع غزة، حراك يهدف إلى دعم الجهد الذي تبذله البعثة الدبلوماسية الفلسطينية في الأمم المتحدة، حراك يكون له بالغ الأثر في مواقف الدول العربية ودول عدم الانحياز والدول الإسلامية، وسيرتد بالإيجاب على تصويت الدول الأوروبية.
حديثي هذا يتناغم مع خطة العمل التي أشار إليها عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة السيد أحمد أبو هولي، التي تقوم على الحراك السياسي والدبلوماسي، إضافة إلى التحرك على المستوى الشعبي بالتزامن مع انطلاق حملة المناصرة الإلكترونية لدعم الأونروا. إن التحرك على المستوى الشعبي هو مربط الفرس، ولا تحرك على المستوى الشعبي دون توافق وتنسيق وتعاون بين غزة والضفة الغربية، كي يكون الحراك فاعلاً بمستوى الألم والخسارة والحسرة التي ستضرب عصب فلسطين في حال عدم التحرك، وحبذا في هذا المقام لو قاد الحراك السيد أحمد أبو هولي نفسه، وذلك بدعوة كل التنظيمات الفلسطينية، بما في ذلك تنظيم حركة حماس وحركة فتح والجهاد والجبهات لقاء عمل يتوافق على آلية الحراك الداعم للأونروا في غزة والضفة الغربية معاً، وتحت رعاية منظمة التحرير الفلسطينية.
عدم التحرك المشترك يعني استمرار الصمت الجماهيري، واستمرار الصمت يعني عدم المبالاة، وغياب الفعل الميداني، لذلك فإن استمرار القطيعة بين غزة والضفة الغربية في هذا الشأن سيرتد هزيمة سياسية على مجمل القضية الفلسطينية، وسيرتد عدم ثقة بين الجماهير الفلسطينية والدعوة لأي حراك تنظيمي انفصالي، وفي هذا المقام لا بد من التذكير بأن آخر تصويت بشأن فلسطين أُجري في الأمم المتحدة في ديسمبر 2018، وكانت نتائجه لا تبشر بخير؛ حيث صوتت 87 دولة لصالح قرار أمريكي يصف حركة حماس بالإرهاب، وصوتت 58 دولة فقط ضد القرار الأمريكي، وهذا أمر مخيف جداً قياساً بالسنوات الماضية، حيث كانت الغلبة لقضية فلسطين.
إن الفعل الميداني الناطق باسم كل الفلسطينيين هو القادر على تغيير المعادلة الدولية لصالح القضية الفلسطينية.