فلسطين أون لاين

​بجرائم التهويد والاستيطان في القدس.. رجّح الاحتلال كفّة الديمغرافيا للمستوطنين

...
القدس المحتلة-غزة/ نبيل سنونو:

بدءاً بهدم منازل المقدسيين وليس انتهاء بسحب الهويات وسن القوانين العنصرية، يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى ترجيح "كفة" الديمغرافيا لمصلحة المستوطنين في القدس المحتلة.

واستمر الاحتلال في بناء المستوطنات غير المشروعة في شرقي القدس ومحيطه؛ إلى مرحلة شكلت عندها حزاماً يفصله عن بقية أراضي الضفة الغربية المحتلة، وقد سارع في خطواته بتشجيع من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي اعترف في كانون الأول (ديسمبر) 2017م بالقدس المحتلة "عاصمة" للكيان الإسرائيلي.

ويُقدِّر خبير الخرائط والاستيطان خليل التفكجي عدد المستوطنين في شرقي القدس بـ220 ألفاً، بعدما كان عددهم صفراً سنة 1967م، في حين يقدر عدد الفلسطينيين، أصحاب الأرض الأصليين، هناك بـ340 ألفاً.

وكانت العصابات الصهيونية احتلت سنة 1948م ما يزيد على (16 كم2) أي 84% من مساحة القدس البالغة أكثر قليلاً من (19 كم2) آنذاك، وعرفت بـ"غربي القدس"، وهجّرت أهلها، ثم وسعت حدود بلدية الاحتلال في القدس، وضمت شرقي المدينة، فيما يسمى "بلدية القدس الموحّدة"، التي وصلت مساحتها إلى أضعاف ما كانت عليه في 1948م، وفق إفادة مراقبين.

ويوضح التفكجي لصحيفة "فلسطين" أن سياسات الاحتلال الممنهجة في هذا الصدد تشمل هدم المنازل، ومصادرة الأرض، وسحب الهويات، وسن ما يسمى قانون "التنظيم والبناء"، وقانون "الجيل الثالث".

ويستخدم الاحتلال القانون المسمى "الجيل الثالث" لطرد الفلسطينيين من البلدة القديمة في القدس المحتلة، كما هو حال ما يسمى "قانون أملاك الغائبين".

ويتابع التفكجي: "هذه كلها عناصر مجتمعة ترمي إلى الحد من النمو السكاني الفلسطيني"، مشيراً إلى قرار تشكيل "لجنة جيفني" سنة 1973م التي قالت: "لا ينبغي أن تتجاوز نسبة الفلسطينيين في شرقي القدس 22%، والبقية للمستوطنين".

ومنذ سنة 1967م أقام الاحتلال في الضفة الغربية 196 مستوطنة تشمل مستوطنات القدس، إلى جانب نحو 100 بؤرة استيطانية عشوائية، ويسكن تلك المستوطنات نحو 750 ألف مستوطن على مساحة تقدر بـ(196 كم2).

وتشمل السياسات الاحتلالية: حرمان العائلات لمّ الشمل، ومنع آلاف الفلسطينيين من الإقامة في مدينة القدس المحتلة بإلغاء حقوقهم، وفق ما جاء في الموقع الإلكتروني لمحافظة القدس.

ويوضح موقع المحافظة أن دولة الاحتلال تعد كل فلسطيني مقدسي بمنزلة "مقيم دائم" فيها يتمتع بحقوق غير متكافئة مقارنة مع المستوطنين، وتمارس بحكم القوانين التي سنتها تجريد الفلسطينيين حقهم في الإقامة في شرقي القدس لاعتبارات وضعتها بما يخدم سياسات فرضتها على كل فلسطيني، وترفض في العادة منح الزوج الفلسطيني غير المقدسي حق الانضمام إلى زوجه أو حق الإقامة في المدينة.

وألغى الاحتلال ما يسميه "الإقامة الدائمة"، وسحب الهويات الشخصية من أكثر من 14,500 مقدسي بين عامي 1967م و2014م، وهذا ترك أثراً سلبيًّا على أكثر من 20% من العائلات الفلسطينية في شرقي القدس، بحسب إفادة الموقع نفسه.

تطهير عرقي

من جهته يقول الناشط المقدسي ناصر أبو قويدر: "إن سياسة الاحتلال في التعامل مع المقدسيين من هدم البيوت والاعتقالات وإصدار المخالفات للسائقين التي ارتفعت خلال الأشهر الستة الماضية، ترمي إلى دفع المقدسيين إلى الرحيل عن أرضهم والمغادرة إلى الضفة الغربية أو غيرها، لكن هذا وهم لن يتحقق، لأن المقدسيين متمسكون بأرضهم".

ويضيف أبو قويدر في اتصال هاتفي مع صحيفة "فلسطين": "إن المقدسيين الذين يواجهون هذه السياسات، ويدافعون عن المسجد الأقصى والعقارات الفلسطينية، لا ينبغي أن يكونوا وحدهم، بل لابد من مساندتهم".

ويبين أنه لا يوجد تكافؤ بموازين القوى بين المقدسيين أصحاب الأرض، والمستوطنين، لافتاً إلى أن المقدسيين المرابطين في مدينتهم يتصدون بكل إمكاناتهم للاحتلال المدجج بالمال والسلاح.

ويعرب أبو قويدر عن أمله في فشل أي مخطط يحاول الاحتلال رسمه للقدس والمقدسيين، وأن "يُرد كيده إلى نحره".

ويقول الناشط المقدسي: "لدي يقين أن دولة الاحتلال، لولا دعم بعض الأنظمة العربية لها، لما تجرأت على تنفيذ هذه السياسات بحق القدس وأهلها".

ويشير إلى مصادرة الاحتلال الأراضي، وفرضه القيود على البناء وسط نقص مزمن في المنازل، ما يؤدي إلى اكتظاظ سكاني هائل للفلسطينيين.

وكانت أحدث حلقات هدم المباني الفلسطينية في "وادي الحمص" ببلدة صور باهر جنوب شرقي القدس، حيث شرع الاحتلال في هدم 16 مبنى، بعدما منح الأهالي مهلة تصل إلى 30 يوماً انقضت في 18 تموز (يوليو) المنصرم، لهدم منازلهم بأنفسهم أو تنفيذه هو الهدم وتغريمهم تكلفته.

ويؤكد المراقبون أن هدم تلك المباني جريمة تطهير عرقي.

وضرب الاحتلال عرض الحائط بقرار مجلس الأمن الدولي، الذي اتخذه في 23 كانون الأول (ديسمبر) 2016م، لإدانة الاستيطان.

ويشار إلى أن الاحتلال يعمل على تنفيذ المخطط الاستيطاني المعروف بـ"E1" الذي من شأنه أن يفصل القدس نهائيّاً وتمامًا عن امتدادها الفلسطيني، ويتمثل في إخلاء كل الفلسطينيين الذين يعيشون في محيط المدينة والمناطق المحيطة بمستوطنة "معاليه أدوميم" شرق القدس، في مسعى لتطبيق خطة استيطانية واسعة جدّاً تربط المستوطنة بالمدينة المحتلة.