فلسطين أون لاين

​"رأي زوجتك".. هل تأخذه على محمل الجد؟

...
رأي الزوجة قد يكون أقوى من رأي زوجها في مجالات مختلفة
غزة/ نبيل سنونو:

"شاوروهن وخالفوهن"؛ مقولة شائعة يتفق العلماء على عدم صوابها، لكن هل هناك يا ترى من لا يزال يقتنع بها في تعامله مع زوجته بدلاً من احترام رأيها الذي ينعكس إيجابًا على الحياة الأسرية؟

"إنها من بقايا الجاهلية"؛ بهذا يصف أستاذ الصحة النفسية د. جميل الطهراوي المقولة السابقة، قائلاً: إن "رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم كان يشاور زوجاته ويهتم برأيهن".

ويضيف الطهراوي لصحيفة "فلسطين"، أن الاعتقاد بأن الأخذ برأي الزوجة "ينقص الرجولة" هو أيضًا من بقايا ثقافة كانت سائدة، واندثرت، فالحكمة ضالة المؤمن، أنى وجدها فهو أولى بها.

ويوضح أن رأي الزوجة قد يكون أقوى من رأي زوجها في مجالات مختلفة، منها بناء البيت والمطبخ الذي تعرف هي تفاصيله.

ويصف الطهراوي الاستشارة بأنها "تلاقُح عقول للوصول إلى الحقيقة"، مستشهدا بمثل شعبي يقول: "الكلام أخذ وعطا"، وأنه يمكن من خلال الحوار الطيب والمحبة الوصول إلى فكرة أقوى مما لو كان كل منهما يفكر على حدة.

ولو كان الرجل يعرض عن الاستماع لرأي زوجته –والكلام لا يزال لخبير الصحة النفسية– فإن هذا ينطبق عليه المثل الشعبي "القصة مش رمانة، القلوب ورمانة"؛ إذ إن من يحب الآخر يسمعه ويهتم بالحديث معه، ويفترض أن يكون الزوج بنفس اتجاه "تجديف" زوجته وليس العكس.

ويشير إلى أن بعض الأزواج لا يتحدثون مع زوجاتهم في مختلف المواضيع، ما يولد الحديث عن "الجفاف العاطفي"، لافتًا إلى أن من المفترض استمرار المشورة حتى في المواضيع البسيطة كرحلة أو أكلة معينة.

ويستشهد الطهراوي بالمثل الشعبي "الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون" للتأكيد على أن سلوك الآباء في الاستماع إلى رأي الأمهات من عدمه يؤثر على الأبناء.

ويقول: إن كثيرًا من الأبناء يكونوا في المستقبل صورة طبق الأصل عن آبائهم، وهو ما يوجب تعزيز احترام الرأي، وإشراكهم في ذلك لتقوية شخصياتهم وذواتهم.

ولا يجب أن ينسى الرجل أيضًا أنه يتعين عليه اتباع سياسة تقدير رأي زوجته حتى تتمكن من مساعدته في القرارات والمواقف التي يترتب عليها مسؤولية كبيرة، وفق الطهراوي.

ويلفت إلى أن دورًا مهمًا يقع على عاتق الزوج في تعزيز شخصية زوجته من خلال أخذ رأيها على محمل الجد.

ويشيد الطهراوي بالمجتمع الفلسطيني الذي يتسم بالوعي لاسيما في هذا الجانب، لافتًا إلى أن نسبة التعليم العالي، وقدرة الطالبات في الجامعات على تحقيق مستويات مرموقة جنبًا إلى جنب الطلاب.

تصدع

"الحياة الزوجية شكل من أشكال الشراكة"؛ بهذا يبدأ أستاذ علم النفس د. درداح الشاعر حديثه عن تبادل الآراء الواجب بين الرجل وزوجته.

ويقول الشاعر لصحيفة "فلسطين": إن الزواج نوع من أنواع تقاسم المسؤولية والأعباء، لاسيما أن الأسرة "كطائر لا يطير بجناح واحد".

والزوج والزوجة يكمل كل منهما الآخر، وهو ما يدفع الشاعر إلى التأكيد على ضرورة توفر التوافق بينهما في معظم القضايا، إذ إن المرأة ليست أقل شأنًا من الرجل لا في التفكير ولا الإدراك ولا الوعي ولا حتى القيمة الإنسانية.

ويتابع الشاعر بأن الأصل هو استماع الرجل لزوجته، كونه يعبر عن مستوى خلقي رفيع وأدب جم، ويؤكد أن الرجل ليس الصانع الوحيد للاستقرار الأسري والفكري السليم داخل الأسرة، وإنما هذا الاستقرار لا يأتي إلا من خلال الاستماع للمرأة.

وإذا اتبع الرجل ذلك فإنه يعكس الاهتمام والاحترام والتقدير وإحساسه بقيمة زوجته في حياته، ما يضفي التوافق والانسجام والرضا والسعادة.

أما لو ضرب الزوج رأي زوجته بعرض الحائط، فإن الشاعر يصف ذلك بأنه "خلق مذموم لا يعبر عن احترام أو تقدير أو أدب أو اعتراف برأي الآخر".

ويشدد الشاعر على أن من لا يحترم رأي الآخر ولا يقدر قيمته هو "فاقد للأهلية لأن يكون زوجًا، وفاقد للاستقرار والتوافق الأسري".

ويحذر من أن ذلك يمثل بداية تصدع في العلاقات الزوجية والأسرية، فلا تستقيم الحياة دون الاهتمام برأي الزوجة.