فلسطين أون لاين

​الدراسة في الخارج

جميل أن يسافر الإنسان، ويتنقل في أكثر من مكان ليتعرف على ثقافات مختلفة ويحتك بعقول متنوعة، كل ذلك رائع ولا يختلف عليه اثنان عاقلان، فالسفر قيمة فيها من الفوائد والمنافع العديدة والمتنوعة وكما يقول الإمام الشافعي في فوائد السفر: تغرب عن الأوطان في طلب العلى وسافر ففي الأسفار خمس فوائد تفريج هم واكتساب معيـــشة وعلـــم وآداب وصحـــــبة ماجد، بالإضافة إلى أن صاحبه يرى من عجائب الأمصار، ومن بدائع الأقطار ومحاسن الآثار ما يزيده علماً وسعة أفق وعقل.

لكن يبقى السؤال حاضراً هل أدرس في الخارج بلاد الغَرب أو العُرب، فتعال معي يا صديقي لنناقش الأمر بعقلٍ وروية، أنت ترغب بالسفر أم الدراسة، إذا كان هدفك الدراسة فجامعاتنا بخير وفيها من التخصصات والفروع ما يشبع معظم الرغبات، ولدينا من الكفاءات والاختصاصين الأكفاء، والمحتوى العلمي والمعرفي ذاته في أفضل جامعات العالم، بالإضافة لكونك بين أهلك وأحبابك والكل يرعاك ويحرص على راحتك، فكل ذلك ايجابيات وفرص لصالحك، احرص على اكتسابها في بداية حياتك العلمية ومشوار حياتك الأكاديمي، وعليه أقول لا تسافر لتدرس تخصصًا متوفر في بلدك وتحديدًا البكالوريوس "الشهادة الجامعية الأولى"، إلا من لم يوفق وكان معدله في الثانوية لم يمكنه من تخصص يحلم في دراسته وقادر علميًا عليه أو حصل على منحة دراسية كاملة، لكن السفر لأجل السفر وبالمعية الدراسة، وكثيرون هم هدفهم الرئيس السفر والخروج، وصدقني يا حبيبي وأنا لك من الناصحين إياك والسفر في مقتبل العمر وتحديدا بلداً أجنبيًا، وجداً أنصح به في مرحلة الماجستير والدكتوراه لأنك ستكون أكثر نضجاً ووعياً وستكون قادراً على الاستفادة من التجربة والقدرة على التعايش مع الشعوب والمجتمعات سواء كانت غربية أو عربية، فالسفر لسنوات طويلة ومتواصلة ليست مزحة أو بسيطة، بل تجربة مرة ومتعبة وتترك أثراً سلبياً في روحك وعقلك ما حييت، ولا تربطها بضيق العيش وصعوبة الحياة ليصبح هروباً من واقع مرير الى عالم مجهول، مجرد انتقال مما يجعلني أرى الفكرة مختلفة ودوافعها بعيدة عن الهدف النافع وليست في طلب علا أو اكتساب علم ومعرفة، فكرة السفر اليوم يشوبها الغموض والألم، مدفوعة من شخص منهزم أرهقته صعوبة الحياة، هذه حقائق قبلنا بها أم لا، فذلك لا ينكر وجودها، وحقيقة وقوعها.

السفر معاناة وألم وغربة، السفر بين طياته الكثير من العقبات والمحطات البائسة ، لحظات بل ساعات تخزن في الوجدان لتبقى جرحا غائرا لا يشفى أبدًا، تلك حقيقة الوجه الآخر للأسفار.

وإياك أن تسافر لتقتل ما تبقى من زهرة عمر وبصيص أمل، إياك أن تسافر هروباً من واقع إلى واقع أسوأ.