فلسطين أون لاين

​لماذا يرفض بعض الرجال الاعتذار لزوجاتهم؟!

...
غزة- صفاء عاشور:

علا صوت سارة ومحمود نتيجة شجار كان المخطئ فيه هو، ورغم وقوف جميع من في العائلة بجانب سارة، إلا أن أخاها رفض الاعتراف بخطئه والاعتذار لها، مصممًا على أنه لم يرتكب أيخطأ بحقها وأنه لا داعي للاعتذار.

موقف محمود مشابه لكثير من المواقف التي يرفض بعض الرجال الاعتراف بخطئهم والاعتذار عنه، فها هو حازم أحمد متزوج من سنة ونصف لا يتوقف عن الشجار هو وزوجته ليتطور الأمر بعدها إلى ضربها في بعض الأحيان.

ورغم شعور حازم بالخطأ بعد ذلك إلا أنه لم يبدِ استعدادا للاعتذار لزوجته حتى ولو كان اعتذارا بطريقة غير مباشرة، مبررًا موقفه بأنه لا يريد لزوجته أن تعتاد على اعتذاره الذي ستفسره من وجهة نظرها بضعفه، كما يعتقد.

عوامل عديدة

استشاري الصحة النفسية والمجتمعية أحمد حمد، أكد أن التنشئة الاجتماعية للرجل تختلف من أسرة لأسرة ومن مجتمع لمجتمع، وفي المجتمع الفلسطيني كثير من الأسر لا تربي أبناءها على ثقافة الاعتراف بالخطأ والاعتذار بعد ذلك.

وقال لـ"فلسطين": إن "نمو الطفل وعدم تعلم ثقافة الاعتذار حتى يكبر يجعل من الصعب على الرجل بعد ذلك أن يعتذر عن أي موقف خاطئ قام به"، لافتًا إلى أن هذا الاعتذار يختلف بين الرجل والمرأة.

وأضاف حمد "الاعتذار قد يقدمه الرجل بشكل مباشر أو غير مباشر، حيث إنه قد لا يجد أي مشكلة أو حرج من أن يعتذر لأمه ويقبل يدها ورأسها إذا أخطأ في حقها وأمام الجميع، ولكنه لن يقوم بهذا التصرف مع أخته أو زوجته".

وبين أن السبب يعود لما سبق في الثقافة المجتمعية وطبيعة المجتمعات الذكورية التي نعيش فيها، والتي تحفظ حق الأم ولكنها لا تحفظ حق الزوجة في نيل الاعتذار، بل وينظر الجميع للرجل الذي يعتذر لزوجته بأنه ضعيف الشخصية وأنه قام بشيء خاطئ.

وأشار حمد إلى أن فطرة الإنسان ترفض الاعتذار وهذا ما يمكن لمسه عند شجار الأطفال مع بعضهم البعض، إذ يرفض المخطئ الاعتذار رغم تكرار الطلب منه يبقى الطفل متمسكًا برأيه.

وأردف: "هنا يبرز دور أهمية التنشئة الاجتماعية في أن يرى الطفل قدوة كبيرة له أمامه لا يخجل من الاعتذار للمرأة والرجل والصغير والكبير، مع التأكيد له بأن اعتذاره يجعله قويا وليس ضعيفا كما يظن الجميع".

ضعف الوازع الديني

من جانبه، أوضح الواعظ الديني محمد خلة، أن عدم اعتراف الرجل بالخطأ والاعتذار عنه يكون أحد أسبابه ضعف الوازع الديني لديه، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون"، حيث يعكس هذا الحديث ثقافة الاعتذار في الجانب الديني ووجودها.

وقال لـ"فلسطين": إن "من يرفض الاعتذار يمكن تشبهه بإبليس الذي رفض الاعتراف بخطئه عندما رفض السجود لآدم وبرر موقفه بأنه أفضل من سيدنا آدم وبناء على هذا لم يغفر الله سوء عمله، على عكس آدم الذي اعترف بذنبه عندما أكل من التفاحة لذلك غفر الله له".

وأضاف خلة أن "ضعف الوازع الديني ووجود صفة الكبر والتعالي عند بعض الرجال يجعلهم يرفضون التنازل والتواضع لمن أخطؤوا في حقهم ويبقون مصرين على الخطأ لأن نفسهم البشرية ترفض التنازل لمن هم أقل منهم درجة وذلك من وجهة نظرهم".

وأشار إلى أن التربية المجتمعية واكتساب الرجل لهذه الصفة أصبحت كالعدوى التي من الصعب التخلص منها، لافتًا إلى أن السبب الرابع هو رغبة الرجل بالحفاظ على ذاته ونفسه حيث إن الرجل إذا أراد الاعتذار يبدأ في وضع سيناريوهات عديدة لو قام بالاعتذار فماذا سيحصل".

وأردف خله: "نظرًا لتعدد الأفكار والسيناريوهات التي يختلقها عقله لما بعد هذا الاعتذار، فإنه يجد أن من الأريح له ألا يعتذر لينسف كل السيناريوهات التي خاضها في عقله ويقنع نفسه بأن الأمور ستعود سليمة وحدها من دون اعتذار".