انتخب المتصهين بوريس جونسون بدلًا من تريزا ماي من حزب المحافظين البريطاني رئيسًا لوزراء بريطانيا، المعجب بترامب والمعرف لنفسه على أنه صهيوني حتى النخاع، وهو المعروف بتهوره وحماقاته وكذبه ودجله كما صديقيه ترامب ونتنياهو، فهو طرد من أكثر من صحيفة بريطانية عمل فيها مراسلًا بسبب كذب تقاريره وتزوير الاقتباسات التاريخية، فضلًا عن الكذب وعدم الوفاء بالتزاماته عندما كان عمدة للندن، الوعد بالحديقة الجسر.
وجونسون قد تقوده حماقاته نحو الخروج من الاتفاق النووي الإيراني، كما صديقه ترامب، وحتمًا سيلقى التشجيع من صديقه نتنياهو، وربما تقوده حماقاته وتهوره أيضًا نحو الدخول في حرب مع طهران، تتجنب واشنطن الدخول فيها، لمعرفتها الانعكاسات والعواقب المترتبة عليها، ولكن قد يكون لاجمًا لنزواته وحماقاته عدم قدرته على التفرد بالقرارات، أو ربما خطواته غير المدروسة والمحسوبة ستقود إلى سقوط حكومته، وبسقوط الحكومة لن يكون هناك ضمانات لنجاح حزبه أو عودته لرئاسة الحكومة، وبوريس جونسون من أشد المتحمسين للخروج من الاتحاد الأوروبي، وعملية الخروج هذه قد يترتب عليها ارتماء جونسون في أحضان ترامب المعجب به.
فوز جونسون في الانتخابات البريطانية يعكس تنامي نفوذ وقوة اليمين في بريطانيا، كما حصل في أمريكا، وقوى اليمين هذه لها مواقف متطرفة من الهجرة والعمالة الأجنبية واللاجئين من البلدان التي تجتاحها الحروب كسوريا والعراق واليمن، فهم من أشد الداعين إلى طرد المهاجرين وتقييد حركتهم وحرياتهم، ولذلك ستكون ملفات الاقتصاد والهجرة والعمالة الأجنبية والخروج من الاتحاد الأوروبي، من التحديات الداخلية الكبرى التي ستواجه بوريس جونسون، في حين سيشكل الملف النووي الإيراني، وكيفية التعامل معه، والمشاركة في القوة البحرية التي تقترحها أمريكا لحماية ناقلات النفط وتأمين الملاحة البحرية في مضيق هرمز؛ التحدي الخارجي الأكبر في وجه بوريس جونسون.
ترامب المتصهين القادم من قلب الكارتيل الاحتكاري الريعي اتخذ مواقف متشددة ضد المهاجرين والملونين في أمريكا، وعمل على إقامة جدران بين أمريكا والمكسيك، وعبر عن حقده وعنصريته بسفور ضد العرب والمسلمين بمنع رعايا سبع دول عربية وإسلامية من دخول أمريكا، ورفع شعار أمريكا أولًا، وأدخل أمريكا في حروب تجارية واقتصادية مع أكثر من دولة: الحرب الجمركية مع الصين، والعقوبات الاقتصادية على روسيا وتركيا، والحرب الشاملة على طهران في كل المجالات، بفرض عقوبات مشددة اقتصادية وتجارية ومالية على طهران، فضلًا عن العقوبات المالية والمصرفية التي فرضت على حزب الله وقياداته، وتصنيفه منظمة "إرهابية" بجناحيه السياسي والعسكري، والتدخلات في سوريا والعراق واليمن بدعم الجماعات والمجاميع الإرهابية، من أجل إطالة أمد حالة عدم الاستقرار والاستنزاف المستمر للجيشين السوري والعراقي، واستمرار "الاستحلاب" للمال الخليجي.
في حين كافأ صديقه نتنياهو ويمينه المتطرف بنقل سفارة بلاده من (تل أبيب) إلى القدس، واعترف بها عاصمة لدولة الاحتلال، وجفف مصادر الدعم المالي لوكالة الغوث واللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وقطع أغلب المساعدات الأمريكية عن السلطة والشعب الفلسطينيين، وشجع استمرار الاستيطان في الضفة الغربية وسعي الكيان الإسرائيلي إلى ضم مناطق (س) منها، فضلًا عن اعترافه بضم الكيان هضبة الجولان السوري المحتل.
أما نتنياهو حليفهما وثالوثهما غير المقدس فلم تشفع له كل الخدمات التي قدمها له المتصهين ترامب في أن تبعد عنه شبح التفاف حبل المحاكم والسجن حول رقبته، بسبب مسلسل فساده ورشاويه وخيانة الأمانة، فتباهيه بالتطبيع العلني مع النظام الرسمي العربي، وزيارته وزيارة وأركان حكومته الرسمية إلى أكثر من عاصمة خليجية، وانتقال حالة التطبيع مع المشيخات الخليجية العربية إلى مرحلة العلن من تنسيق وتعاون إلى تحالف أمني وعسكري ضد عدو افتراضي رسمته لهم أمريكا، هو إيران، وتبجحاته بقوة الكيان العسكرية، وبأنها قادر على ضرب دول وقوى المقاومة في أي بقعة في العالم؛ لم تجلب له المزيد من الشعبية أو الثقة والمصداقية، خاصة بعد اللقاء الأخير للسيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني على فضائية المنار، في الذكرى الثالثة عشرة لحرب تموز العدوانية الإسرائيلية على حزب الله ولبنان، وحديثه عن الصواريخ الدقيقة القادرة على إصابة أي بقعة وهدف إسرائيلي على أرض فلسطين التاريخية، والقدرة على إعادة الكيان إلى العصر الحجري، وما هو أكبر من ذلك ثقة نصر الله بأنه في السنوات القادمة سيصلي في القدس.
نتنياهو ملك (إسرائيل) وصاحب أطول مدة حكم يواجه معضلات داخلية، أهمها عدم الفوز في الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية في أيلول القادم، وهذا يعني أنه سيواجه المحاكمة ودخول السجن سنوات، وتحديات خارجية كبيرة وكثيرة، في مقدمتها صداع محور المقاومة الدائم، وعدم نجاحه في تحقيق أي انتصار جدي، فيما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني ودفع أمريكا لشن حرب على طهران، أو إخراج القوات الإيرانية وقوات حزب الله من سوريا، أو القدرة على تدمير القدرات الصاروخية لحزب الله، الذي بات يمثل تهديدًا وجوديًّا لكيان الاحتلال، حتى غزة المحاصرة لم يعد قادرًا على التجرؤ على استهداف وتدمير مقاومتها، رغم كل تهديداته المستمرة؛ فهو يدرك أن تلك المقاومة باتت قادرة على قصف قلب كيانه وشله تمامًا، ولذلك نشهد عمليات هروب إلى الأمام لنتنياهو، واتهامات له من ليبرمان وقوى اليمين الصهيوني، بالخضوع لابتزازات حماس، وإدخال الأموال القطرية لها مقابل الهدوء على الجبهة.
ثلاثي اللصوص متوافق على استمرار "استحلاب" المشيخات الخليجية ماليًّا، بجعل إيران "البعبع" الذي سيلتهمها ويهدد عروشها وأمنها واستقرارها، والعمل على استمرار محاصرة إيران وفرض العقوبات عليها، لكي ترضخ للشروط والإملاءات الأمريكية، وأيضًا الدعم المتواصل وغير المحدود لكيان الاحتلال الصهيوني، وجعل أمنه أولية قصوى في أي تسوية قادمة للمسألة السورية، وأن يبقى متفوقًا عسكريًّا في المنطقة، والعمل على شطب وتصفية القضية الفلسطينية نهائيًّا.