في الوقت الذي عارض فيه رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، ورئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، قرار وزارة العمل اللبنانية القاضي بوضع قيود على عمل الفلسطينيين في لبنان، أيدته السلطة الفلسطينية بتصريح عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد خلال زيارته إلى بيروت أخيرًا، أنه "من حق الدولة اللبنانية أن تطبق قوانينها".
الأحمد الذي كان موفد رئيس السلطة محمود عباس إلى بيروت لبحث أوضاع المخيمات في لبنان، ليس حالة فريدة من المستوى الرسمي الفلسطيني الذي يؤيد قرار وزارة العمل، فقد أظهر مقطع فيديو زيارة رئيس اتحاد العمّال الفلسطينيين في لبنان أبو يوسف العدوي إلى وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان، ثم قبّل رأسه، وكأنه يشكره على قراره.
اللاجئ الفلسطيني في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان زياد منّاع يرى أن موقف السلطة الفلسطينية ينقسم إلى قسمين: الرسمي الذي يقف علنًا مع قرار وزير العمل اللبناني، والشعبي الذي يرفض القرار إعلاميًّا لكن يدعمه على أرض الواقع.
ووصف منّاع خلال حديثه إلى صحيفة "فلسطين" الموقف الرسمي بـ"السيئ جدًّا"، وأنه لا يخدم مصالح الشعب الفلسطيني، بل على العكس يؤدي إلى يأس الناس، وإضعاف دور الجماهير الفلسطينية في الاحتجاج والتظاهر، لأنه يعد القرار حقًّا للدولة اللبنانية، واللاجئين تحت سقف القانون "أجانب"، وظهر ذلك جليًّا في تصريح عزام الأحمد.
أما الموقف الشعبي في المناطق، فلا تستطيع حركة فتح إلا أن تتساوق مع القرار الشعبي الفلسطيني الذي انتفض على هذا القرار، لكنها تحاول الالتفاف عليه بطريقتين: أولاهما التقليل من سقف مطالب اللاجئين المتظاهرين، فعندما كان مطلبهم تنظيم تظاهرة كانت قيادة فتح تنفس غضبهم بالاكتفاء بتنظيم اعتصام بسيط فقط.
أما الطريقة الثانية فعمليات التأليب واختلاق المشاكل الأمنية أمام مناطق الاعتصام، فضلًا عن محاولات اغتيال بعض الأفراد الذين كانوا مطلوبين لهم سابقًا، ما أفشل احتجاجات اللاجئين، إذ تظهر السلطة وحركة فتح للعيان أنها مع الاحتجاجات، لكنها فعليًّا ضدها.
وأكد منّاع أن إجراءات فتح والسلطة تؤثر سلبًا في احتجاجات اللاجئين، لكنها لا تزال متواصلة بفضل وجود شخصيات فلسطينية شريفة من كل الفصائل الفلسطينية بين المتظاهرين، ولها دور إيجابي جدًّا.
قوانين مجحفة
وقال اللاجئ الفلسطيني: "يعيش الفلسطيني بلبنان في مظلومية عالية، وبحاجة إلى دعم السلطة الفلسطينية، فيوجد عشرات القوانين المجحفة التي تظلم اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات اللبنانية، إذا طبقت فسيؤدي ذلك إلى تهجير قسري لهم".
وذكر بعض القوانين أبرزها، قانون يمنع الفلسطيني من الزواج إلا بإذن أمني من الدولة اللبنانية، وقانون تنقل الفلسطيني، إذ يمنعه من الخروج من المنطقة التي يعيش فيها، وقانون التملك الذي يحرم الفلسطينيين ذلك، وقانون الدراسة في الجامعات الذي يمنع تدريس الفلسطينيين في الجامعات اللبنانية إلا بإذن خاص.
وعن دعم السلطة صمود اللاجئين الفلسطينيين، أوضح أنه قبل الأزمة الحالية، كانت السلطة تقدم مساعدات للاجئين في المخيمات اللبنانية، لكنها أقل بكثير من المستوى المطلوب، فعندما حدثت أزمة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، انتفض الشعب الفلسطيني عليها، واستمرت الاعتصامات مدة 100 يوم متواصلة، في حين كانت حركة فتح تعمل على إفشال هذه الاعتصامات بذرائع واهية، أنها من تنظيم حركة حماس وغيرها.
وعن مساعدات السلطة للاجئين في المخيمات، لفت مناع إلى أنها لم ترقَ إلى مستوى يعزز صمود اللاجئين، مضيفًا: "الناس في المخيمات ميتة من الجوع، فمن يتبع حركة فتح يتلقى معاشًا منها لأنه يحمل سلاحها وليس لأنه من الشعب الفلسطيني، أما غيره من الفلسطينيين فلا يتلقون شيئًا".
وشدد على ضرورة وقوف السلطة إلى جانب مخيمات اللاجئين في لبنان، من أجل تعزيز صمود اللاجئ الفلسطيني في مواجهة أعداء القضية الفلسطينية، لا أن تقف في صف ضده مع قرارات وزارة العمل اللبنانية، وتكون يدًا غليظة عليه.
وتمم حديثه: "تحرك شعبنا الفلسطيني ودعمه لنا أثلجا صدورنا، هذا الشعب يستحق الحياة وقادر على تحرير فلسطين".
ويعيش 174422 لاجئًا فلسطينيًّا، في 12 مخيمًا و156 تجمعًا بمحافظات لبنان الخمس، بحسب أحدث إحصاء لإدارة الإحصاء المركزي اللبنانية، عام 2017م.