تحدثت وكالات الأنباء عن قيام أب بطعن أولاده الثلاثة حتى الموت ثم أحرق نفسه حتى الموت أيضا؟!
بعض المصادر أرجعت الفاجعة الكبيرة إلى أسباب نفسية واضطرابات يعاني منها الأب؟!.
قد تكون الأسباب النفسية موجودة ولكن هل يمكن أن تفسر الأسباب النفسية هذه الفاجعة وحدها؟!
هل يمكن أن نغفل عن الحصار والبطالة والفقر المدقع كأسباب اجتماعية وسياسية أوجدت الاضطرابات النفسية لدى الرجل ولدى جمهرة من شباب الوطن ممن لا يجدون ما يكفي لسد حاجاتهم اليومية للطعام والشراب والمأوى.
إن فاجعة كهذه لا يمكن حلها بالقول بأن الأب مختل نفسي, بل يجب النظر في الأسباب الأخرى الاجتماعية والسياسية وعلى رأسها الحصار والبطالة والفقر.
نعم الفاجعة بشعة بل ومثيرة للغضب ونرجو ألا تتكرر وهي مؤلمة جدا لكل بيت فلسطيني في غزة وغيرها، ولكن على السياسيين وقادة العمل الوطني العام وضع الكارثة في مكانها الصحيح وعدم المرور عليها كخبر حدث في منطقة أخرى وانتهى.
نريد من السلطات الفلسطينية وقيادات العمل الوطني والإسلامي وضع القضية الفاجعة في مكانها الصحيح من الاهتمام, فهي ليست حدثا منعزلا وإن كنا نرجو أن تكون حدثا منعزلا، ولكن ضيق الحال قد ينتقل بالحدث إلى مستوى التكرار أو ربما الظاهرة لا رغبة في الانتحار، ولكن تعبيرا واحتجاجا على حالة الضيق التي تشتد مع الحصار الطويل على الأسر الأكثر فقرا في المجتمع.
إن على مؤسسات المجتمع المدني دراسة الحالة والكشف عن أسبابها, ووضع المعالجات النظرية على الأقل لها, وعدم التوقف عند رصدها وتسجيلها كخبر من الأخبار, بل ويجدر عزلها عن المناكفات السياسية, لأن المجتمع بكل مكوناته متألم جدا لهذه الفاجعة، وقد عبرت الجنازة الكبيرة التي شيعت العائلة عن هذا الموقف العام للمجتمع.
إن جريمة بهذا الحجم يمكن النظر إليها على أنها أحد مخرجات الحصار المشدد الذي تفرضه دولة العدو الصهيوني مستغلة حالة نسيان العالم لغزة كأرض محتلة ، يجدر البحث عن حلول لها ومساعدة السكان على الحياة الطبيعية.