بعدَ سنواتٍ من معركة العصف المأكول التي نعيش هذه الأيام رحاها، قال عنها قادة الجيش الإسرائيلي حينَئذٍ إِنها لن تدومَ أكثرَ من أيام، فإذا به يقع في مستنقع غزة لأكثر من 50 يوما وهي الحرب الأطول في تاريخ الكيان الصهيوني منذ عام 1948.
وأقل أن نصف الدخولَ البري لطلائع الجيش الصهيوني وقت ذاكَ في أطراف قطاع غزة بأنه يَعكِسُ مدى فَشلِ كلِ وسائلِ المنظومة العسكرية الصهيونية في حسمِ معركةٍ أفلَحَ الفلسطينيون وبرغمِ الحِصارِ والتجويعِ في الإيقاع بقواته بين قتيل وجريح وأسير.
ويبقى السؤالُ كيفَ سيعيد الجيش الصهيوني أسطورته التي تغنى بها على مدار العقود السابقة؟ فلجأ إلى غمار العمليات الأمنية في قلب غزة فإن كان قد نجح في اغتيال القائد مازن فقها فقد هزم في معركة الحفاظ على مرتكبي الجريمة التي سرعان ما اكتشفتهم أجهزة أمن المقاومة وألقت القبض عليهم وأعدمتهم فيما بعد، وحاول تكرارها مرة أخرى بأسلوب وتكتيك جديد بدخول قوة صهيونية خاصة بزي ولهجة وعادات فلسطينية علها تستطيع أن تنتزع صورة نصر من غزة إلا أنها وقعت في شرك المقاومة شرق خانيونس وهزمت شر هزيمة، وسمتها المقاومة بعملية حد السيف التي ما زالت تداعياتها واضحة داخل أروقة الكيان الصهيوني.
ولأنها كان لها وقع الزلزال على الكيان الصهيوني يعتكف الإعلام العسكري على إعداد جهد إعلامي سيخرج للنور في قابل الأيام حتى يشاهد الرأي العام الفلسطيني والعربي خبايا عملية حد السيف.
ومن نجاحات المقاومة أنها كرَّسَت معادلةَ القصف بالقصف، ووجهت رسالةً حاسمةً إلى الذين يتماهَونَ مع الاحتلال في فرضِ الحِصارِ عليها، ورفست الكرةَ في ملعبِ الكيان الصهيوني الذي أمامَه إِما تنفيذ التفاهمات، أو الردُّ الذي لا يُستبعَدُ أن يَخرُجَ عن القواعدِ التي حاول رسَمَها العدو.
وفي خضم المعركة الدائرة التي قد لا يشعر بها المواطنون، يحاول العدو أن يسجل نقاط قوة له فخرج علينا بقدرات الفرقة 162 التي قال كوخافي قائد الجيش الصهيوني بأنها ستحسم المعركة مع غزة في أي حرب قادمة.
وردًّا على كوخافي وفرقته 162 وبحسب ما تسربه المقاومة أن معركة العصف المأكول كانت أكبر مناورة عسكرية لها وبمختصر الكلام "أنه ما كان في عام 2014 لن يكون في أي عام قادم، ودليل ذلك أن ما أطلقته المقاومة من صواريخ في 42 ساعة في الجولة الأخيرة يساوي ما أطلقته في 51 يومًا في الحرب الأخيرة على غزة، هذا فقط ما يخص الصواريخ، أما الوسائل الأخرى فالله أعلم.