فلسطين أون لاين

​من دون تطبيق "face app".. سجون (إسرائيل) فرضت شيخوخة مبكرة على الأسرى

...
غزة- هدى الدلو:


بشيء من الفكاهة والضحك انتشرت صور لعدد كبير من مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، تظهر فيها أشكالهم وملامحهم كيف ستتغير عندما يصبحون في سن الشيخوخة، من خلال استخدامهم تطبيق face app""، وفي المقابل نشر ذوو الأسرى صورا حقيقية وليست افتراضية لأبنائهم الأسرى كيف ذبلت زهرة شبابهم داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، وتغيرت ملامحهم دون استخدامهم للتطبيق، الأمر الذي أثار حزنهم.

عمر فوق عمرهم

غفران زامل خطيبة الأسير حسن سلامة والمحكوم بـ48 مؤبدًا، قضى منها 23 سنة، قالت: "أعمار الأسرى تأكلها السجون، وغيرت من ملامحهم، وهم في ذات المكان، فالمتعارف عليه أن نراقب ملامح ذوينا وهي تتغير لحظة بلحظة، ونكبر جنبًا إلى جنب، ولكن الأسر غير ملامح حسن باكرًا، فقسوة السجن والسجان جعلت الأسرى يبدؤون في أعمار تفوق أعمارهم".

فالعذابات والحرمان والألم الذي عايشوه على مدار السنوات تركت أثرًا كبيرًا، وأضافت: "العزل الانفرادي الذي عاشه حسن 13 سنة، والاضرابات التي خاضها كفيلة أن تغير ملامحه دون استخدام أي برامج، إلى جانب الأم والحرمان والعذاب النفسي الذي لا يستطيع أحد قياسه ومعرفته، فالصورة في الغالب تجمل الواقع".

وتحدثت زامل عن التسع سنوات الأخيرة بعد ارتباطها بحسن: "لقد أصبحت صورته مختلفة تمامًا، فأصعب شعور ممكن أن أشعر به، أن تظهر التجاعيد على وجهه ويشيب شعر رأسه بعيدًا عن ناظري، ويزداد الوجع في حرماني من زيارته، فأتبع ملامحه من خلال الصور التي تصلني فقط والتي تبين كيف ضاع شبابهم ظلمًا وقهرًا في السجون؟".

شيخوخة مبكرة

أما آمنة الحصري خطيبة الأسير أحمد جيوسي والمحكوم 35 مؤبدًا وثلاثين سنة، وقضى منها 17 سنة، قالت: "عن أي ألم أتحدث، فعندما أريد أن أتذكر شكله وهيئته لا أستطيع، ففي كل زيارة والتي تفصلها عن أختها ما يقارب شهرًا أجده شخصًا آخر، وكأني لم أزره منذ عام.

ورغم أن لدى أحمد إخوة أكبر منه إلا أن من يراه يعتقد أن أكبر إخوته حيث التجاعيد والشيب، متابعة حديثها: "أيوجد أثقل من الهم والتفكير وعذابات السجن على الإنسان، فكيف بأحمد الغائب عن عائلته كل هذه السنوات، ووفاة والديه وهو في السجن دون أن يحظى بإلقاء نظرة أخيرة عليهما، وأضيف إلى ذلك الاقتحامات الليلية والتعذيب والحرمان وغيرها حيث لا استقرار ولا راحة ولا أدنى مقومات للحياة في السجن.

وترى أن ما يفعله الاحتلال ضد الأسرى وكأنه يفرض عليهم شيخوخة مبكرة دون الحاجة إلى استخدام وسائل التكنولوجيا وتطبيقاتها.

فآمنة وأحمد متماثلان في السن 40 سنة، ولكن يبدو أن أحمد أكبر من عمره بعشر سنوات، ومن يراها وصورته لا يصدق أنها خطيبته بل ابنته، الأمر الذي يفرحها ويحزنها في ذات الوقت لحال أحمد.

واستكملت الحصري: "في زيارتي له يقول لي كبران وشايب.. صح؟، فاضطر أن أداري الحقيقة وأجيبه بأنه لا زال شابًا، وأنه أصغر من عمره حتى لا تتأثر نفسيته"، موضحة أن الأسرى وصلوا إلى هذا الشكل المتقدم دون أن يعيشوا سنوات شبابهم.

وأشارت إلى أن صور الأسرى وكيف تتغير ملامحهم من دون التطبيق تعكس مدى إجرام الاحتلال ضدهم.

رفع للمعنوية

وقالت إخلاص السيد زوجة الأسير عباس السيد: "على مدار سنوات الأسر حدثت فروقات كبيرة على وجوههم وأجسادهم، فعند زيارتهم أرى كل الأسرى بلا استثناء حتى الصغار في العمر قد تغيرت ملامحهم، والسمة المشتركة بينهم الشعر الشايب".

وفي إحدى زياراتها سألها ممازحًا "كيف الشيبات يا مرتي؟ فأجابته "أصبحت أحلى من أول"، كرفع للمعنويات.

وتتذكر أنه بعد جولة تحقيق طويلة مع عباس، أرسلت لها صورة بشعره الذي وصل إلى كتفيه، ودقنه التي كبرت على غير عادتها، وملامح على وجهه غير مفهوم تفاصيلها، أمسكت بالصورة ما يقارب ساعة تحدق النظر فيها للتأكد من أنها صورة زوجها.

ولفتت إلى أن ملامح الوجه المجعدة، والرأس المشتعل شيبًا ما هي إلا تفاصيل تدل على حب الوطن، مضيفة: "لكن ما أزعجني كزوجة أسير هو استخدام face app"" من باب الفكاهة والضحك، فلماذا لا نستغل بعض الضجات في خدمة قضية الأسرى وقضايا وطنية أخرى".

وبينت السيد أن ظروف الأسر وظلم السجان وجبروته وعوامل نفسية من شأنها أن تؤثر على نفسية الأسرى وأجسادهم، وتذيقهم مرارة الشيخوخة بعيدًا عن أهلهم.

وتابعت حديثها: "نعيش في زمن لا نشعر فيه إلا بمشاعر الخوف، فأنا لا أخاف من كبر الأسرى وتقدم أعمارهم، بل من إصابتهم بأمراض في ظل إهمال طبي من إدارة السجون، وأن يخرجوا من السجون والعلل بأجسامهم لا يفرحون بحريتهم".

وقد أصدرت محاكم الاحتلال حكمًا بحقه بالسجن المؤبد 35 مرة إضافة إلى 50 سنة ، قضى منها 18 سنة.